ما معنى كلمة (وليكم) في قوله (عزّ وجلّ): (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)[1]؟
معنى الولي:
إنّ كلمة (ولي) من الألفاظ المشتركة، وتجد لها معانٍ كثيرة في القرآن الكريم خاصّة، وفي كتب اللغة عموماً، ومنها: (المالك، العبد، المحرّر (من حرّر عبداً)، المساعد، والرفيق، والسيّد، والأمير، والسلطان، والصديق، والوارث، والقريب... إلخ).
وبعض المفسّرين يفسّرون كلمة (ولي) بمعنى (صديق، ورفيق)، ولكن التعبير مخالف لمدلول الآية المباركة (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله)؛ إذ إنّ كلمة (إنّما) التي جاءت للحصر، فبينت أنّ غرض الباري (عزّ وجلّ) من معنى (الولي) ليس الصديق أو الرفيق فقط، ولو أنّ هذا المعنى مهم، ولكن لا يمكن للباري سبحانه وجلّ شأنه أن يحصر المحبّة في المؤمنين في الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) وعليٍّ(عليه السلام) فقط، في الوقت الذي يقول (جلّ وعلا) في آية أخرى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[2]، معناها أنّ جميع المؤمنين بالله تعالى هم إخوة لبعضهم، ومحبّة بعضهم لبعض واجبة ولازمة، ولا يمكن لله تعالى بناءً عليه أن يحصر المحبّة في نفسه سبحانه ورسوله(صلى الله عليه وآله) وعلي(عليه السلام)، وعلى هذا نجد أنّ معنى كلمة (ولي) في الآية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله) هي الولاية الكلية الإلهية، أو بمعنى أولى به التصرّف؛ إذ إنّ الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)،
والأئمّة الأطهار(عليهم السلام) هم حاملون لهذه الولاية، وهي منحصرة في الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار(عليهم السلام).
وعلى هذا الأساس عندما يكون للباري (جلّ وعلا) حق التصرّف في جميع العالم الحي وعلى جميع الموجودات والمخلوقات وأنّه يفعل ما يشاء، فقد يكون للرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) وأولاده الطاهرين حقّ التصرّف في جميع الكائنات، وطبعاً يكون ذلك بإذن من الباري (جلّ وعلا)، وأن ولايتهم ولاية تامّة كلية عامّة ومطلقة، وهذا هو معنى الولاية الكلية، والولي المطلق هو الذي له حقّ التصرّف في شؤون الكائنات بإذن الله تعالى.
مجلة اليقين العدد (68)