لا تجوز النيابة عن الأحياء في الواجبات ولو مع عجزهم عنها - إلّا في الحجّ إذا كان عاجزاً عن المباشرة وكان موسراً، أو كان ممّن استقرّ عليه الحجّ، فيجب أن يستنيب من يحجّ عنه - وتجوز النيابة عنهم في بعض المستحبّات العباديّة مثل الحجّ والعمرة، والطواف عمّن ليس بمكّة، وزيارة قبر النبيّ (صلّى الله علىه وآله) وقبور الأئمّة (علىهم السلام) وما يتبع ذلك من الصلاة، بل تجوز النيابة في جميع المستحبّات رجاءً، كما تجوز النيابة عن الأموات في الواجبات والمستحبّات.
ويجوز إهداء ثواب العمل إلى الأحياء والأموات في الواجبات والمستحبّات - كما ورد في بعض الروايات وحكي فعله عن بعض أجلّاء أصحاب الأئمّة (علىهم السلام) - بأن يطلب من الله تعالى أن يعطي ثواب عمله لآخر حيٍّ أو ميّت.
مسألة 752: يجوز الاستئجار للصلاة ولسائر العبادات عن الأموات، وتفرغ ذمّتهم بفعل الأجير، من دون فرق بين كون المستأجر وصيّاً أو وليّاً أو وارثاً أو أجنبيّاً.
مسألة 753: يعتبر في الأجير العقل، وكذا الإيمان والبلوغ على الأحوط لزوماً، وىعتبر أىضاً إحراز إتىانه بأصل العمل نىابة، ولا ىكفي ادّعاؤه ذلك على الأحوط لزوماً، ولو أحرز أصل إتىانه به نىابة وشكّ في صحّته أمكن إجراء أصالة الصحّة فىه مع احتمال كونه عارفاً بأحكام القضاء - اجتهاداً أو تقليداً - أو عارفاً بطريقة الاحتياط، ويجب على الأجير أن يقصد النيابة عن الميّت بأن يأتي بالعمل القربيّ مطابقاً لما في ذمّة الميّت بقصد تفريغها، ويكفي في وقوعه قربىّاً أن يقصد امتثال الأمر المتوجّه إليه بالنيابة الذي كان استحبابيّاً قبل الإجارة وصار وجوبيّاً بعدها، كما إذا نذر النيابة عن الميّت فالمتقرّب بالعمل هو النائب، ويترتّب عليه فراغ ذمّة الميّت.
مسألة 754: يجوز استئجار كلّ من الرجل والمرأة عن الرجل والمرأة، ويراعي الأجير في الجهر والإخفات حال نفسه، فالرجل يجهر بالجهريّة وإن كان نائباً عن المرأة، والمرأة لا جهر عليها وإن نابت عن الرجل.
مسألة 755: لا يجوز استئجار ذوي الأعذار مطلقاً على الأحوط لزوماً كالعاجز عن القيام أو عن الطهارة الخبثيّة أو المسلوس أو المتيمّم إلّا إذا تعذّر غيرهم، بل في فراغ ذمّة الميّت مع تبرّع العاجز إشكال، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط في ذلك، نعم يجوز استئجار ذي الجبيرة ويكفي تبرّعه وإن كان الأحوط استحباباً خلافه.
وإذا استأجر القادر فصار عاجزاً وجب عليه التأخير إلى زمان رفع العذر، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة.
مسألة 756: يجوز للأجير الإتيان بالصلاة على مقتضى تكليف نفسه اجتهاداً أو تقليداً، إلّا مع تقييد متعلّق الإجارة بالصحيح في نظر الغير من الميّت أو الوليّ أو غيرهما إمّا صريحاً أو لانصراف إطلاقه إليه، فإنّه تكون وظيفته عندئذٍ العمل بمقتضى التقييد ما لم يتيقّن معه بفساد العبادة، وهكذا الحكم في أيّ تقييد آخر، كما إذا قيّده بإعادة الصلاة مع حصول الشكّ أو السهو فيها وإن أمكن علاجها فإنّه يتعيّن عليه العمل بمقتضى ذلك.
مسألة 757: إذا كانت الإجارة على نحو المباشرة - للتقييد بذلك صريحاً أو لانصراف الإطلاق إليه - لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل ولا لغيره أن يتبرّع عنه فيه، أمّا إذا كانت مطلقة جاز له أن يستأجر غيره، ولكن لا يجوز أن يستأجره بالأقلّ قيمة من الأجرة في إجارة نفسه إلّا إذا أتى ببعض العمل ولو قليلاً، هذا مع عدم انحلال الإجارة إلى إجارات متعدّدة بحسب عدد الصلوات و إلّا - كما لعلّه المتعارف - فلا ىجوز أن ىأتي ببعضها وىستأجر للباقي بالأقلّ قىمة من الأجرة في إجارة نفسه.
مسألة 758: إذا عيّن المستأجر للأجير مدّة معيّنة فلم يأتِ بالعمل كلّه أو بعضه فيها لم يجز الإتيان به بعدها إلّا بإذن من المستأجر، وإذا أتى به بعدها بدون إذنه لم يستحق الأجرة وإن برئت ذمّة المنوب عنه بذلك.
مسألة 759: إذا فسخت الإجارة بعد العمل لغبن أو لغيره استحقّ الأجير أجرة المثل، وكذا إذا تبيّن بطلان الإجارة، ولكن إذا كانت أجرة المثل أزيد من الأجرة المسمّاة وكان الأجير حين الإجارة عالماً بذلك لم يستحقّ الزائد.
مسألة 760: إذا لم تعيّن كيفيّة العمل من حيث الاشتمال على المستحبّات يجب الإتيان به على النحو المتعارف.
مسألة 761: إذا نسي الأجير بعض الواجبات غير الركنيّة أو بعض ما يلزمه الإتيان به من المستحبّات فإن كان متعلّق الإجارة حقيقة هو تفريغ ذمّة الميّت - كما هو الحال في الإجارات المتعارفة - استحقّ الأجرة كاملة، وأمّا مع تعلّق الإجارة بذات العمل فإن لوحظ الإتيان بالمستحبّ - مثلاً - على نحو تنبسط الأجرة عليه ينقص منها بالنسبة، وإن أخذ شرطاً اقتضى ثبوت الخىار للمستأجر عند تخلّفه فلو فسخ فعلىه للأجىر أجرة مثل العمل، وإن كان مخصّصاً للعمل المستأجر عليه لم ¬يستحقّ الأجير شيئاً.
مسألة 762: إذا تردّد العمل المستأجر عليه بين الأقلّ والأكثر جاز الاقتصار على الأقلّ، وإذا تردّد بين متباينين وجب الاحتياط بالجمع.
مسألة 763: يجب تعيين المنوب عنه ولو إجمالاً، مثل أن ينوي من قصده المستأجر أو صاحب المال أو نحو ذلك.
مسألة 764: إذا تبرّع متبرّع عن الميّت قبل عمل الأجير انفسخت الإجارة مع اليقين بفراغ ذمّة الميّت، وأمّا إذا احتمل عدم فراغ ذمّته واقعاً وكان العمل المستأجر عليه يعمّ ما يؤتى به باحتمال التفريغ فيجب عليه حينئذٍ العمل على طبق الإجارة.
مسألة 765: يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بصلاة الاستئجار جماعة، إماماً كان الأجير أم مأموماً، ولكن إذا كان الإمام أجيراً ولم يعلم باشتغال ذمّة المنوب عنه بالصلاة بأن كانت صلاته احتياطيّة أشكل الائتمام به، ولو كان المأموم أجيراً وكانت صلاته احتياطيّة لم يكن للإمام ترتيب أحكام الجماعة على اقتدائه.
مسألة 766: إذا مات الأجير قبل الإتيان بالعمل المستأجر عليه واشترطت المباشرة على نحو يكون متعلّق الإجارة خصوص العمل المباشريّ بطلت الإجارة، ووجب على الوارث ردّ الأجرة المسمّاة من تركته، وإن لم تشترط المباشرة وجب على الوارث الاستئجار من تركته، كما في سائر الديون الماليّة، وإذا لم تكن له تركة لم يجب على الوارث شيء ويبقى الميّت مشغول الذمّة بالعمل أو بالمال.
مسألة 767: إذا آجر نفسه لصلاة شهر مثلاً فشكّ في أنّ المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر ولم يمكن الاستعلام من المؤجر وجب الاحتياط بالجمع، وكذا لو آجر نفسه لصلاة وشكّ في أنّها الصبح أو الظهر مثلاً وجب الإتيان بهما.
مسألة 768: إذا علم أنّه كان على الميّت فوائت ولم يعلم أنّه أتى بها قبل موته أو لا، كانت بحكم ما علم عدم إتيانه به.
مسألة 769: إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال في يوم معيّن إلى الغروب فأخّر حتّى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات ولم يصلِّ عصر ذلك اليوم وجب الإتيان بصلاة العصر ولكن لو أتى بالصلاة الاستئجاريّة يحكم بصحّتها، وإن أتى بصلاة نفسه وفوّت الاستئجاريّة على المستأجر كان له فسخ الإجارة والمطالبة بالأجرة المسمّاة، وله أن لا يفسخها ويطالب بأجرة المثل وإن زادت على الأجرة المسمّاة.
مسألة 770: الأحوط استحباباً اعتبار عدالة الأجير حال الإخبار بأنّه أدّى ما استؤجر عليه، وإن كان يكفي الاطمئنان بصدقه، بل يكفي الاطمئنان بأصل صدور العمل منه نيابة مع احتمال إتيانه به على الوجه الصحيح.
مسألة 771: يجب على من عليه واجب من الصلاة والصيام أن يبادر إلى القضاء إذا ظهرت أمارات الموت، بل إذا لم يطمئنّ بالتمكّن من الامتثال في المستقبل وجبت عليه المبادرة أيضاً، فإن عجز وكان له مال لزمه الاستيثاق من أدائه عنه بعد وفاته ولو بالوصيّة به، ويخرج حينئذٍ من ثلثه كسائر الوصايا، وإن لم يكن له مال واحتمل أن يقضيه شخص آخر عنه تبرّعاً وجبت عليه الوصيّة به أيضاً.
وإذا كان عليه دين ماليّ للناس وكان له تركة لزمه الاستيثاق من وصوله إلى صاحبه بعد مماته ولو بالوصيّة به والاستشهاد عليها، هذا في الدين الذي لم يحلّ أجله بعدُ أو حلّ ولم يطالبه به الدائن أو لم يكن قادراً على وفائه، وإلّا فتجب المبادرة إلى وفائه فوراً وإن لم يخف الموت، وإذا كان عليه شيء من الحقوق الشرعيّة مثل الزكاة والخمس والمظالم فإن كان متمكّناً من أدائه فعلاً وجبت المبادرة إلى ذلك ولا يجوز التأخير وإن علم ببقائه حيّاً.
وإن عجز عن الأداء وكانت له تركة وجب عليه الاستيثاق من أدائه بعد وفاته ولو بالوصيّة به إلى ثقة مأمون، وإن لم يكن له تركة واحتمل أن يؤدّي ما عليه بعض المؤمنين تبرّعاً وإحساناً وجبت الوصيّة به أيضاً، هذا وديون الناس والحقوق الماليّة الشرعيّة تخرج من أصل التركة وإن لم يوصِ الميّت بها، نعم للخمس حكم ىخصّه سىأتي في المسألة (1254).