يتساءل الكثير من الناس نساءً ورجالاً مسلمون وغير مسلمين: لماذا يتم الربط دائماً بين ما ترتديه المرأة، وبين الإثارة الجنسية للرجل؟ وأغلب الظن عند هؤلاء أن هذا السؤال سينتصر على دعوات الحجاب الكثيرة الصادرة من المؤسسة الدينية، كونه سؤالاً محرجاً للغاية.
لكن هذا السؤال جوابه سهل وليس فيه جنبة إحراج، بل هو جواب علمي اجتماعي نفسي، وهو أن الإسلام عندما أسّس ونظّم العلاقة بين الجنسين لاحظ بدقة متناهية الخصائص التكوينية لكل من الرجل والمرأة، من حيث أنهما يضعان اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وجعل في كل منهما خصائص تتلاءم مع دوره ووظيفته في ذلك البناء، ومن هذه الخصائص غريزة ميل كل منهما للآخر، وهي غريزة ثابتة علمياً في طبع الإنسان، بحيث أنها لو ضعفت أو انعدمت عند شخص عُدِّ ذلك الشخص غير طبيعي، مريضاً يحتاج إلى علاج، وكذلك زيادتها في شخص أيضاً، مع أن الإسلام لابد أن يدفع نحو استثمار الغريزة الجنسية بأفضل ما يكون في الحياة، لأنها مصدر التكاثر، واعتدالها يمثل لون من التحضّر والتطور، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «تناكحوا تناسلوا فاني أباهي بكم الأمم يوم القيامة»، فكيف يكون هذا النكاح والتناسل؟ هل يكون عشوائياً فوضوياً؟ كلا فإن ذلك لا يتلاءم مع الغرض والهدف من النكاح. إذا لابد من ضوابط وقوانيني تحكم طريقة التناسل والتكاثر.
لذا جاء تشريع الحجاب ليكون أحد عوامل النجاح في بناء مجتمع متحضر ومتقدم، كما شُرّعت العفّة، والتقوى، وغضّ البصر، وهي تشريعات تحكي حقيقة علمية في الفوارق التكوينية بين الرجل والمرأة، بأن الغريزة أمر طبعي في كلا الجنسين، وطبيعة المرأة في ذلك أشد من الرجل، لذلك كانت "ريحانة وليست بقهرمانة"، بما تنطوي عليه مفردة الريحانة والريحان من شأنه الجذب وشدّ الانتباه.
فلماذا هذا الإصرار على جعل هذه الحقيقة العلمية عيباً والحث عليها تركيزاً على جانب غريزي؟
وهل من حكمة لخلق الجنسين غير تفعيل هذه الغريزة بشكل أكمل؟
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (52)