1- عَنْ بَكْرِ بْنِ كَرِبٍ الصَّيْرَفِيِّ قَالَ: (سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهَ(عليه السلام) يَقُولُ: إِنَّ عِنْدَنَا مَا لَا نَحْتَاجُ مَعَه إِلَى النَّاسِ وإِنَّ النَّاسَ لَيَحْتَاجُونَ إِلَيْنَا وإِنَّ عِنْدَنَا كِتَاباً إِمْلَاءُ رَسُولِ اللهَ (صلى الله عليه وآله) وخَطُّ عَلِيٍّ(عليه السلام) صَحِيفَةً فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وحَرَامٍ وإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَّا بِالأَمْرِ فَنَعْرِفُ إِذَا أَخَذْتُمْ بِه ونَعْرِفُ إِذَا تَرَكْتُمُوه)[1].
2- عَنْ فُضَيْلِ بْنِ سُكَّرَةَ قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهَ (عليه السلام) فَقَالَ: يَا فُضَيْلُ أتَدْرِي فِي أَيِّ شَيْءٍ كُنْتُ أَنْظُرُ قُبَيْلُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، قَالَ: كُنْتُ أَنْظُرُ فِي كِتَابِ فَاطِمَةَ(عليها السلام) لَيْسَ مِنْ مَلِكٍ يَمْلِكُ الأَرْضَ إِلَّا وهُوَ مَكْتُوبٌ فِيه بِاسْمِه واسْمِ أَبِيه ومَا وَجَدْتُ لِوُلْدِ الْحَسَنِ فِيه شَيْئاً) [2].
3 - عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ قَالَ: (سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهَ(عليه السلام) يَقُولُ: إِنَّ عِنْدِي الْجَفْرَ الأَبْيَضَ قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ شَيْءٍ فِيه؟ قَالَ: زَبُورُ دَاوُدَ وتَوْرَاةُ مُوسَى وإِنْجِيلُ عِيسَى وصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ(عليه السلام) والْحَلَالُ والْحَرَامُ ومُصْحَفُ فَاطِمَةَ مَا أَزْعُمُ أَنَّ فِيه قُرْآناً، وفِيه مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْنَا ولَا نَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ حَتَّى فِيه الْجَلْدَةُ ونِصْفُ الْجَلْدَةِ ورُبُعُ الْجَلْدَةِ وأَرْشُ الْخَدْشِ وعِنْدِي الْجَفْرَ الأَحْمَرَ قَالَ قُلْتُ وأَيُّ شَيْءٍ فِي الْجَفْرِ الأَحْمَرِ؟ قَالَ: السِّلَاحُ وذَلِكَ إِنَّمَا يُفْتَحُ لِلدَّمِ يَفْتَحُه صَاحِبُ السَّيْفِ لِلْقَتْلِ، فَقَالَ لَه عَبْدُ اللهَ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ: أَصْلَحَكَ اللهَ أيَعْرِفُ هَذَا بَنُو الْحَسَنِ فَقَالَ إِي واللهَ كَمَا يَعْرِفُونَ اللَّيْلَ أَنَّه لَيْلٌ والنَّهَارَ أَنَّه نَهَارٌ ولَكِنَّهُمْ يَحْمِلُهُمُ الْحَسَدُ وطَلَبُ الدُّنْيَا عَلَى الْجُحُودِ والإِنْكَارِ ولَوْ طَلَبُوا الْحَقَّ بِالْحَقِّ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ)[3].
4- عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: (سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهَ(عليه السلام) بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْجَفْرِ؟ فَقَالَ: هُوَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ عِلْماً قَالَ لَه فَالْجَامِعَةُ؟ قَالَ: تِلْكَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِ الأَدِيمِ مِثْلُ فَخِذِ الْفَالِجِ فِيهَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْه ولَيْسَ مِنْ قَضِيَّةٍ إِلَّا وهِيَ فِيهَا حَتَّى أَرْشُ الْخَدْشِ، قَالَ: فَمُصْحَفُ فَاطِمَةَ(عليها السلام) قَالَ: فَسَكَتَ طَوِيلاً ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَبْحَثُونَ عَمَّا تُرِيدُونَ وعَمَّا لَا تُرِيدُونَ إِنَّ فَاطِمَةَ مَكَثَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهَ(صلى الله عليه وآله) خَمْسَةً وسَبْعِينَ يَوْماً وكَانَ دَخَلَهَا حُزْنٌ شَدِيدٌ عَلَى أَبِيهَا وكَانَ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) يَأْتِيهَا فَيُحْسِنُ عَزَاءَهَا عَلَى أَبِيهَا ويُطَيِّبُ نَفْسَهَا ويُخْبِرُهَا عَنْ أَبِيهَا ومَكَانِه ويُخْبِرُهَا بِمَا يَكُونُ بَعْدَهَا فِي ذُرِّيَّتِهَا وكَانَ عَلِيٌّ(عليه السلام) يَكْتُبُ ذَلِكَ فَهَذَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ(عليها السلام))[4].
5- عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عن الإمام الصادق(عليه السلام) قَالَ: (...وإِنَّ عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ ومَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَامِعَةُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ ومَا الْجَامِعَةُ قَالَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسُولِ اللهَ(صلى الله عليه وآله) وإِمْلَائِه مِنْ فَلْقِ فِيه وخَطِّ عَلِيٍّ بِيَمِينِه فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وحَرَامٍ وكُلُّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْه حَتَّى الأَرْشُ فِي الْخَدْشِ وضَرَبَ بِيَدِه إِلَيَّ فَقَالَ تَأْذَنُ لِي يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أَنَا لَكَ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ قَالَ فَغَمَزَنِي بِيَدِه وقَالَ حَتَّى أَرْشُ هَذَا كَأَنَّه مُغْضَبٌ قَالَ قُلْتُ هَذَا واللهَ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّه لَعِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ وإِنَّ عِنْدَنَا الْجَفْرَ ومَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ قَالَ قُلْتُ ومَا الْجَفْرُ قَالَ وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ فِيه عِلْمُ النَّبِيِّينَ والْوَصِيِّينَ وعِلْمُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ قُلْتُ إِنَّ هَذَا هُوَ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّه لَعِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ وإِنَّ عِنْدَنَا لَمُصْحَفَ فَاطِمَةَ(عليها السلام) ومَا يُدْرِيهِمْ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ(عليها السلام) قَالَ قُلْتُ ومَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَ(عليها السلام) قَالَ مُصْحَفٌ فِيه مِثْلُ قُرْآنِكُمْ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ واللهَ مَا فِيه مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ قَالَ قُلْتُ هَذَا واللهَ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّه لَعِلْمٌ ومَا هُوَ بِذَاكَ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ إِنَّ عِنْدَنَا عِلْمَ مَا كَانَ وعِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا واللهَ هُوَ الْعِلْمُ قَالَ إِنَّه لَعِلْمٌ ولَيْسَ بِذَاكَ قَالَ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَأَيُّ شَيْءٍ الْعِلْمُ قَالَ مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ الأَمْرُ مِنْ بَعْدِ الأَمْرِ والشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)[5].
الشرح:
قوله (عليه السلام): (عَلَّمَ رَسُولُ اللهَ (صلى الله عليه وآله) ـ عَلِيّاً (عليه السلام) أَلْفَ بَابٍ يُفْتَحُ مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ)، يحتمل أن يراد بالباب الأوّل جنس خاصٌ من العلم وبألف باب أنواع مختلفة مندرجة تحته وأن يراد بالأوّل نوع من العلم وبالثاني أصناف منه.
وقوله (عليه السلام): (مِنْ فَلْقِ فِيه)، الفلق بفتح الفاء وسكون اللاّم: الشقُّ يقال: كلّمه من فلق فيه إذا كلّمه شفاهاً.
وقوله(عليه السلام): (حَتَّى الأَرْشُ فِي الْخَدْشِ) الأرش: دية الجراحات والجنايات، وإنّما سميّت أرشاً لأنّها من أسباب النزاع يقال: أرشت بين القوم إذا أوقعت بينهم وأفسدت. والخدش: مصدر خدش وجهه إذا ظفره فأدماه أولم يدمه، ثمّ سمّى به الأثر.
وقوله(عليه السلام): (وضَرَبَ بِيَدِه إِلَيَّ)، أي ألقاها إليّ أو عليّ على أن يكون إلى بمعنى على، يقال ضرب الشبكة على الطائر وضرب يده على الحائط إذا ألقاهما عليهما، وكأن الباء زائدة أو للتبعيض.
وقوله(عليه السلام): (وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ)، قال في المغرب: الأدم بفتحتين: اسم لجمع أديم وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ من الإدام وهو ما يؤتدم به والجمع اُدُم بضمّتين.
وقوله(عليه السلام): (فِيه عِلْمُ النَّبِيِّينَ)، يحتمل أنّ علومهم في صحيفة والصحيفة في ذلك الوعاء كما يحتمل أنّها مكتوبة فيه.
وقوله(عليه السلام): (واللهَ مَا فِيه مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ)، أي وجه واحد من وجوه المعاني والأحكام بل فيه علم ما يكون من الحوادث اليوميّة وأحوال الجنّة والنّار وأهلهما. وأحوال أبيها ومكانه وأحوال ذرّيتها وما يجري عليهم وأحوال شيعتهم إلى يوم القيامة، قال بعض الأفاضل: فإن قلت في القرآن أيضاً بعض ذلك، قلت: لعلّه لم يذكر فيه ما في القرآن من الأخبار. فإن قلت: يظهر من خبر الحسين بن أبي العلاء اشتماله على الأحكام قلت: لعلّ من الأحكام ما ليس في القرآن. فإن قلت: قد ورد في الأخبار أنّ القرآن مشتمل على جميع العلوم، قلت: لعلّ المراد ما نفهم من القرآن ولذا قال: (قُرْآنِكُمْ).
وقوله(عليه السلام): (قَالَ: مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ)، فإن قلت: قد ثبت أنّ كلّ شيء في القرآن وأنّهم عالمون بجميع ما فيه، وأيضاً قد ثبت بالرّواية المتكاثرة أنّهم يعلمون جميع العلوم فما معنى هذا الكلام وما وجه الجمع؟ قلت:
أوّلاً: الوجه فيه ما رواه سماعة عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: (إن لله علمين: علما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فذلك قد علمناه وعلما استأثر به فإذا بدا له في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا قبلنا)[6]، ويؤيّده أيضاً ما روي عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (يبسط لنا العلم فنعلم، ويقبض عنّا فلا نعلم...)[7]، وما رواه أبو الرّبيع الشامي عن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: (إن الإمام إذا شاء أن يعلم علم)[8]، وملخّصه أنّ علمهم ببعض الأشياء فعليُّ وببعضها بالقوّة القربية بمعني أنّه يكفي في حصوله توجّه نفوسهم القدسيّة وهم يسمعون هذا جهلاً لعدم حصوله بالفعل، وبهذا يجمع بين الرّوايات الّتي دلّ بعضها على علمهم بجميع الأشياء وبعضها على عدمه، وما نحن فيه من هذا القبيل فإنّه يحصل لهم في اليوم واللّيلة عند توجّه نفوسهم القادسية إلى عالم الأمر علوم كثيرة لم تكن حاصلة بالفعل.
وثانياً: أنّ علومهم بالأشياء الّتي توجد علوم إجماليّة ظنّية وعند ظهورها عليهم في الأعيان كلّ يوم وليلة علوم شهوديّة حضوريّة، ولا شبهة في أنّ الثاني مغاير للأول وأكمل منه، والله أعلم.
مجلة بيوت المتقين العدد (71)