تعددت الروايات عندنا، تلك التي ذكرت الأبدال وتنسبهم بعض تلك الروايات إلى نصرة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) من قبيل ما روي عن طارق بن شهاب عن حذيفة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «إذا كان عند خروج القائم ينادي منادٍ من السماء أيّها الناس قطع عنكم مدّة الجبارين، وولي الأمر خير أمة محمد، فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر والأبدال من الشام وعصائب العراق رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأن قلوبهم زبر الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام ... »[1].
ورُوِيَ أيضاً عن جابر الجعفي أنه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم»[2].
وأقلهم ثلاثون فهؤلاء يلتقون بالإمام (عليه السلام) ويقومون بمهام يوكلها إليهم في أقاصي الأرض، ولا يحتاجون في تنقلهم إلى وسائلنا العادية لا جواز سفر، ولا سمات دخول، ولا تذكرة، ولا طائرة، عندهم وسائلهم التي يعلمهم إيّاها الإمام (عليه السلام) في تنقلاتهم وأداء أدوارهم، وممكن أن يكون الواحد منهم مستعيناً بآخرين.
أما كيف ينضمون إليه، فقد سمّوا الأبدال لأنه كلما توفي منهم أحد يستبدل به غيره، ويبقى الأقل من العدد محفوظاً، وورد في روايات أخرى أن الأبدال هم أهل البيت (عليهم السلام) المعصومون أو خواص اصحابهم:
فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنه قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) إن الناس يزعمون أن في الأرض أبدالا، فمن هؤلاء الأبدال؟
قال: «صدقوا، الأبدال الأوصياء، جعلهم الله عَزَّ وجَلَّ في الأرض بَدَلَ الأنبياء، إذ رفع الأنبياء وختمهم محمد (صلى الله عليه وآله)»[3].
قال العلامة المجلسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) بعد ذكره للرواية السابقة: ظاهر الدعاء المروي من أم دأود عن الصادق (عليه السلام) في النصف من رجب -حيث قال -: «اللهم صل على محمد و آل محمد، و ارحم محمداً و آل محمد، و بارك على محمد و آل محمد، كما صليت و رحمت و باركت على إبراهيم و آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل على الأوصياء و السعداء و الشهداء و أئمة الهدى، اللهم صل على الأبدال و الأوتاد و السياح و العباد و المخلصين و الزهاد و أهل الجد و الاجتهاد» ـ إلى آخر الدعاء ـ يدل على مغايرة الأبدال للأئمة (عليهم السلام)، لكن ليس بصريح فيها، فيمكن حمله على التأكيد.
ثم أضاف قائلاً: ويحتمل أن يكون المراد به في الدعاء خواص أصحاب الأئمة (عليهم السلام)[4].
والأبدال: جَمْعُ بَدَلْ وبَدِيل، وهم الزُّهاد، والعُبَّاد، والأولياء المخلصين للّه.
وفي علم الرجال يُعتبر عَدُّ الراوي من الأبدال مَدحاً من الدرجة العليا يصل إلى درجة التوثيق، فمثلاً نجدُ أنَّ الشيخ الطوسي (قدَّس الله نفسه الزَّكية) لدى ذكره لحجر بن عدي الكندي، يقول: وكان من الأبدال[5].
قال العلامة الطُريحي: الأبدال قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر.
وفي القاموس: الأبدال قوم يقيم الله بهم الأرض وهم سبعون، أربعون بالشام وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس[6].
وللعلامة الراغب الأصفهاني تفسيرٌ آخر للأبدال حيث يقول: والأبدال قوم صالحون يجعلهم الله مكان آخرين مثلهم ماضين ـ وقد أنكر بعض الناس وجودهم.
ثم يضيف قائلاً: وحقيقته هم الذين بدلوا أحوالهم الذميمة بأحوالهم الحميدة، وهم المشار إليهم بقوله تعالى: (... فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ...)[7] .
المصدر: مجلة اليقين العدد (10)