هو رجل العلم الشهير صحب أربعة من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ولازمهم ونشر آثارهم، وهم الإمام السجاد والإمام الباقر والإمام الصادق والإمام الكاظم (عليهم السلام)، قال الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) بشأنه: (أبو حمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه)[1] وكفى به مدحاً وثناءً عليه.
أسمه وكنيته ولقبه:
أسمه: ثابت بن دينار، وقيل اسم أبيه «سعيد» الثمالي، الأزدي الكوفي.
كنيته: يكنى ب «أبي حمزة»، وهي الكنية التي غلبت على أسمه واشتهر بها، وقد وردت في أسانيد غالب الروايات من كتب الفريقين، ويكنى أيضاً بـ«ابن أبي صفية»، وردت هذه الكنية في كتب الحديث والرجال مقرونة باسمه «ثابت بن أبي صفية»[2] وهكذا عنونه محدثوا السنة في كتب الرجال والترجمة.
أولاده:
حمزة وهو أكبر أبنائه، وأخواه: نوح، ومنصور، استشهدوا جميعاً مع زيد بن علي (عليهما السلام) في ثورته.
ومما نسب به أبو حمزة الثمالي: «الكوفي» نسبة إلى مدينة الكوفة، وهو أحد فقهائها، وزهّادها ومشايخها.
تاريخ ولادته وعمره:
لم نجد في النصوص التاريخية ذكراً لتاريخ ولادة أبي حمزة، أو ما يُرشدنا إلى طول عمره، لكن من الممكن تحديد عمره بتقريب أن أبا حمزة أدرك طيلة إمامة علي بن الحسين(عليهما السلام) والتي ابتدأت بشهادة أبيه الإمام الحسين(عليه السلام) عام61هـ، لما حدّث أبو حمزة عن قصة أول لقائه ومعرفته بالإمام زين العابدين(عليه السلام) عند قدومه العراق لزيارة أبيه الإمام الحسين(عليه السلام) والصلاة في مسجد الكوفة، وكان ذلك بعد فترة قصيرة من واقعة كربلاء، والذي يظهر منها أن أبا حمزة كان راشداً في حينها، ويمكننا القول إن أبا حمزة أدرك أيضاً طيلة إمامة الصادق(عليه السلام) والتي امتدت حتى عام148هـ، للخبر الذي تلقى فيه نبأ وفاة الصادق(عليه السلام)، لازم ذلك أن يكون عمره(رحمه الله) ما يزيد بخمس عشرة سنة -على الأقل- على مجموعة إمامة كل من الإمام زين العابدين(عليه السلام) وقد دامت 34 سنة، والباقر(عليه السلام) وهي 17 سنة، والصادق(عليه السلام) وهي 36 سنة، أي ان عمره (رحمه الله) قد تجاوز المائة عام وهو القدر المتيقن في ذلك.
معاصرته لأربعة من الأئمة الأطهار (عليهم السلام)
لقد حظي أبو حمزة بإدراك عدد من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) كما ورد عن الإمام أبي الحسن الرضا -أيضا- بشأنه: (أبو حمزة في زمانه كلقمان في زمانه، وذلك أنه خدم أربعة منا: علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وبرهة من عصر موسى بن جعفر(عليهم السلام))[3]، وكان محل اعتماد علماء الشيعة في رواية الحديث، موثقاً عندهم ولم يخل ذكره في كتب الرجال والترجمة لديهم، فقد عاصر أبو حمزة الثمالي الفترة التي ظهر فيها بعض الجماعات والفرق المنحرفة وكانت فاعلة في المجتمع الإسلامي ومؤثرة، كالمرجئة والخوارج والقدرية، فنصبوا منابر لآرائهم، وعقدوا حلقات جدل بينهم.
مواقفه في ثورة زيد بن علي (عليه السلام)
شهد أبو حمزة دعوة زيد بن علي (عليهما السلام) بالكوفة وعاش أحداثها وخذلان مَنْ بايعه وغرّه، ولم يقف أبو حمزة صامتاً عند محنة زيد وأمام تلك الأحداث وما جرى على آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، فقد ورد في خبر أن أبا خالد الواسطي وأبا حمزة الثمالي قالا: حَبَّرنا رسالة رداً على الناس، ثم إنا خرجنا «من الكوفة» إلى المدينة، فدخلنا على محمد بن علي (عليه السلام)، فقلنا له: جعلنا لك الفدا إنا حَبَّرنا رسالة رداً على الناس فانظر إليها قال: فاقرؤها، قال: فقرأناها، فقال:
(لقد أجدتم واجتهدتم ... )[4] كان ذلك في عهد الحاكم الأموي هشام بن عبد الملك، ورغم ما أوصى به ولاته بالمراقبة الشديدة لما يفد ويخرج من الكوفة وهي مصدر دعوة زيد، والمدينة وهي مركز الإمامة، ظل أبو حمزة متردداً بينهما مع بعد المسافة وخطورة الموقف حاملاً رسالة الولاء لأهل البيت(عليهم السلام) وردودهم وتوصياتهم للناس من عدم الركون للظلم، وتذكيرهم بأن أهل البيت(عليهم السلام) هم الولاة والأحقّ بالأمر من غيرهم، وإن زيداً هو ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفرع السلالة المحمدية التي بها هدي الناس، ونصرته هي نصرة جده(صلى الله عليه وآله)
وخذلانه هو الانحراف عن الدين والخسران المبين، لكنه الغدر، فكما غدر بمسلم والحسين(عليه السلام) غدر بزيد، وكما أخبر النبي(صلى الله عليه وآله) بمقتل الحسين(عليه السلام) أخبر بمقتل زيد، فبقتلهم يحيى الاسلام وبدمائهم تروى شجرته.
طلبه للعلم:
شغف بطلب العلم واهتم بوصايا الأئمة (عليهم السلام) وإرشاداتهم وحثهم له على طلبه، فاستقى من فيض أحاديثهم الشريفة في مختلف العلوم والمعارف الاسلامية العريقة، وقد ورد أن أبا حمزة كان مواظباً على السفر كل عام من بلدته الكوفة لأداء فريضة الحج، والالتقاء بأئمة أهل البيت(عليهم السلام)، والوقوف على آرائهم في المسائل، والتزود من علومهم، وكان يغتنم كل لقاء بهم(عليهم السلام) ولم يدع أي فرصة تجمعه معهم إلا واغتنمها، فانتشرت عنه آثار كريمة، طفحت بها كتب التفسير والحديث، وقد ضبط له أصحاب التراجم مؤلفات منها:
1- تفسير القرآن.
2- رسالة الحقوق.
3- كتاب الزهد.
4- كتاب النوادر في الحديث [5].
وفاته:
إن وفاته (رحمه الله) حصلت بُعَيد وفاة الإمام الصادق (عليه السلام) من عام 148هـ، وبتحديد أكبر انها كانت في أواخر شهر ذي الحجة من عام 148 هـ - إن قلنا بوفاة الصادق (عليه السلام) في الخامس والعشرين من شهر شوال وعلى هذا فيمكننا القول إن أبا حمزة قد أدرك برهة من إمامة موسى الكاظم(عليه السلام).
مجلة بيوت المتقين العدد (12)