عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «صَدْرُ الْعَاقِلِ صُنْدُوقُ سِرِّهِ، وَالْبَشَاشَةُ حِبَالَةُ الْمَوَدَّةِ، وَالاِحْتِمالُ قَبْرُ العُيُوبِ»[1].
إنّ أول خطاب يواجهنا في بدء الوجود هو خطاب العقل وتعظيم شأنه وقد جعل الشيخ الكليني صدر كتابه حديث العقل وفيه: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لمّا خلق الله العقل استنطقه، ثمّ قال له: أقبل، فأقبل، فقال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزّتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليّ منك بك آخذ، وبك أُعطي وعليك أُثيب»[2].
والعاقل مَن ظهر أثر العقل في سلوكه بحيث ينسب فعله إليه-العقل-لأنّ منهج العقل أحكام فعل الصواب وخلافه خلاف العقل،يمكن أن نجد مَن ينهج بالحيل في الحياة لنيل مأربه فيظنّ البعض أنّ هذا منهج العقل؛ لأنّ بعض الناس عندهم أنّ العقل هو ما يجلب المنفعة ولو كانت حراماً على رأي المثل الشعبي (الشاطر إلي يعبي بالسلة عنب) وهذا المنهج رفضه أئمّة العقل والحكمة، أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بقولهم عن منهج معاوية نموذج هذا النهج أنّه منهج سوء، فقد ورد عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّ سائلاً سأله قال: قُلْتُ لَهُ: مَا الْعَقْلُ؟ قَالَ: «مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ، وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ». قَالَ: قُلْتُ: فَالَّذِي كَانَ فِي مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: «تِلْكَ النَّكْرَاءُ، تِلْكَ الشَّيْطَنَةُ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِالْعَقْلِ»[3].
فمنهج العقل غير منهج الغاية تبرر الوسيلة ومنهج العقل يقود الإنسان إلى أن يحتفظ بمشاكله في قلبه ويظهر البشاشة للناس؛ لأنّ قضاء حوائجه عند الله وحده وليس عند الناس المحتاجين إلى الناصر والمعين وهو الله، ومحصلة المنهج العقلي في الحياة احتمال أذى الناس حتى يتعايش معهم كما أمر الله بذلك نبيّه بقوله: (وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وَكَفَىٰ بِالله وَكِيلاً)[4] هذه الحكمة من حكم أمير المؤمنين(عليه السلام)
منهج تعايش وحياة سعيدة وفقنا الله وإيّامكم للسير على هداه صلوات الله عليه .
مجلة ولاء الشباب العدد (69)