يعتبر مسجد (الخميس) الذي مازال موجودا ببنائه القديم في قرية (الخميس) أقدم مسجد في مملكة البحرين، وأول مسجد يبنى خارج حدود الجزيرة العربية، وقد لعب مسجد الخميس في البحرين دوراً تاريخياً هاما في نشر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف في منطقة الخليج العربي في تلك الفترة وكان منارةً رائدةً من المنارات الإسلامية.
ويمثّل أحد أبرز المعالم الإسلامية التاريخية الشهيرة في البحرين، والذي يُدلّل على التعاطي الإيجابي السريع لأهل البحرين مع الدعوة الإسلامية، حيث كان المسجد يحتضن شعائر الصلاة بالإضافة لإقامة صلاة الجمعة والعديد من الاحتفالات الدينية، ويعتبر من أبرز المعالم الأثرية التي تستقطب الزوار على مدار العام، ويعتبره أهل منطقة الخميس رمزاً مميّزاً لقريتهم الصغيرة.
موقع مسجد الخميس:
يقع مسجد الخميس في شمال جزيرة البحرين على يمين شارع الشيخ سلمان الذي يؤدي إلى المنامة، ويبعد المسجد قرابة 4 كم من مركز مدينة المنامة. القرية التي يوجد فيها هذا المسجد تعرف باسم «الخميس» نسبة إلى السوق التي كانت تقام هناك كل خميس حتى عهد قريب، وقرية الخميس ما هي إلا جزء من المنطقة التي كانت ومازالت تعرف بالبلاد القديم. وقد فقد المسجد الكثير من جماله عندما أحيط بالمباني المدنية والشوارع.
عمارة المسجد:
تاريخ بناء المسجد قديم، وهو لم يبنَ في فترة واحدة بل على فترات، ويمتاز بناء المسجد بالأسلوب الإسلامي في فن العمارة والبناء ويتضح ذلك في الأقواس والأعمدة والأروقة، كما استخدمت في بنائه المواد الأولية المحلية مثل الحصى والجص وجذوع النخيل.
ولم يبق من البناء الأصلي إلا جدار القبلة الذي يتوسطه محراب بسيط يقع حاليا على عمق متر تقريباً إلى الشمال من المنارة الغربية.
والمسجد مزيّن بالعديد من النقوش والكتابات الصخرية الجميلة بخط كوفي واضح، التي تحكي تاريخ هذا المبنى.
وشهد المسجد على مر القرون عدة عمليات لتوسعته، كان آخرها في القرن الرابع الهجري حيث أضيفت إليه الأعمدة الاسطوانية والأقواس العربية المحدبة والنقوش وعدد من المحاريب الجدارية التي عادة تُزيّن بها واجهات بيت الصلاة والأروقة.
من أبرز ما يُميّز المسجد مئذنتاه المتشابهتان، واللتان ترتفعان بصورة متناظرة ويبلغ طول كلٍ منهما 25 مترا، في حين أن قطر المئذنة الغربية أكبر قليلا من الشرقية، ولكل مأذنة سُلّم حلزوني يرتقى به بواسطة درجات عددها (91) درجة في المأذنة الغربية، و(72) درجة في المأذنة الشرقية وتؤدي الدرجات إلى شرفة المأذنة.
الأسماء التي عُرِف بها المسجد:
من خلال المراجع والنقوش التي عُثر عليها في مسجد الخميس يتضح انه كان يشار إليه باسم (المسجد) فقط، وبعد ذلك أشير للمسجد في إحدى النقوش باسم (المشهد الشريف ذي المنارتين)، وسمي أيضاً باسم (المشهد ذو المنارتين)، وقد بقي هذا الاسم حتى عهد قريب، وعُرف أيضاً بالمسجد ذو المنارتين (أبو منارتين).
وعلى الرغم من شياع هذه الأسماء إلا أن المستشرقين أخطأوا في تسميته، فنظراً لوجوده بالقرب من عين «أبي زيدان» أطلقوا عليه اسم «مسجد مشهد أبو زيدان». وتبدل اسمه اليوم إلى مسجد الخميس نسبة إلى سوق الخميس التي كانت تقام بقربه في كل يوم خميس.
حقائق عن المسجد:
حاول البعض أن يطمس جزءاً من الحقائق التاريخية وأن يخلق لنا أسطورة عاشت حتى أيامنا هذه وهي أن أول من بنى مسجد الخميس عمر بن عبد العزيز الأموي، والحال أن النقوش التي تُزيّن المسجد والتي تُوثّق بناء كل جزء من أجزاء المسجد بالتواريخ وأسماء البناة والمرممّين تثبت خلاف ذلك، والتي منها لا آله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله كما أكد الباحثون أن المسجد الأثري يتضمن ساجات صخرية تتضمن أسماء أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا ما أكده الباحث المتخصص «إيرنست دياز» في زيارته للمسجد عام 1914م، والتي كانت الزيارة الأولى حيث بقي عمله هو المرجع الأساسي الذي اعتمد عليه اللاحقون، وقد كتب البحث باللغة الألمانية وكان عنوان البحث كافياً ليخبرنا بهوية المسجد، فقد كانت ترجمة العنوان هي «أطلال مسجد شيعي في جزيرة البحرين».
ملاحق المسجد:
تتمثل مرافق المسجد بمدرسة عُنيت بنشر التعاليم الإسلامية، ويُدرَّسُ فيها كبار علماء الدين في البحرين، وكانت تشهد إقبالا كبيرا من قبل أهالي المناطق المجاورة، كما تضمنت سكنا خاصا للطلاب.
وقد اشتهرت المنطقة القريبة من المسجد الأثري بإقامة سوق شعبي كل يوم خميس تباع فيه المنتجات المحلية للأهالي.
وخلال القرن الرابع عشر الميلادي تم استغلال جانب من المسجد لبناء مقابر لبعض علماء الدين وضعت عليها شواهد حجرية كتب عليها سجل وثائقي مهم للتعرف على شخصيات أصحابها، كما كتبت عليها بعض الآيات القرآنية، كما تم حفر بئر للمياه لتزويد الجامع ومرافقه بالماء الصالح للشرب، وقد جُلبت معظم الحجارة التي استُخدمت في البناء وتوسعة المسجد من الجزر المجاورة.
المصدر: بيوت المتقين (41) شهر جمادى الاولى 1438هـ