قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[1].
هذه الآيات تتحدّث أوّلا عن محبّة الله وملائكته للنّبي (صلى الله عليه وآله) وتعظيمهم له، وبعد ذلك تأمر المؤمنين بذلك.
يُفتي فقهاؤنا بوجوب الصلاة على رسول الله وآله(صلى الله عليه وآله) في تشهد الصلاة وباستحبابه في غيرها. وكذلك باستحباب التسليم عليه في تسليم الصلاة بصيغة: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).
ولكنّ التسليم في قوله تعالى: (...يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ليس معناه وسلموا عليه سلاماً، بل معناه سلموا له تسليماً، أي أطيعوا أوامره ونواهيه. كقوله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[2].
ذكر ذلك الشيخ الصدوق: (عن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله(عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[3]، فقال: الصلاة من الله عز وجل رحمةٌ، ومن الملائكة تزكيةٌ، ومن الناس دعاءٌ. وأما قوله عز وجل: (...وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) فإنه يعني التسليم له فيما ورد عنه)[4].
وكما نقرأ في رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّ أبا بصير سأله فقال: قد عرفْتُ صلاتنا على النّبي (صلى الله عليه وآله)، فكيف التسليم؟ قال: «هو التسليم له في الاُمور»[5].
ثواب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله):
أحاديث كثيرة ومتواترة في ثواب هذه الصلاة المباركة منها عن النبي (صلى الله عليه وآله): «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ومَلَائِكَتُهُ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقِلَّ، ومَنْ شَاءَ فَلْيُكْثِرْ»[6].
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: «ارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيَّ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِالنِّفَاقِ»[7].
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) أنه قَالَ: «إِذَا ذُكِرَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله) فَأَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي أَلْفِ صَفٍّ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ولَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِمَّا خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَّا صَلَّى عَلَى الْعَبْدِ لِصَلَاةِ اللَّهِ عَلَيْهِ وصَلَاةِ مَلَائِكَتِهِ، فَمَنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي هَذَا فَهُوَ جَاهِلٌ مَغْرُورٌ قَدْ بَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ وَرَسُولُهُ وأَهْلُ بَيْتِهِ»[8].
الصلاةُ البتراء؟
الصلاة البتراء هي الصلاة الناقصة والمقطوعة التي لا يوجد فيها ذكر آل النبي (صلى الله عليه وآله) قد جاء في ينابيع المودّة: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «لا تُصلُّوا عَلَيّ الصلاةَ البَتراءَ».
قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: «تقولون: اللهم صل على محمد وتسكتون، بل قولوا: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ»[9].
مجلة ولاء الشباب العدد (25)