قدسية الأسرة... مرآتها الأنثى

من المسائل التي من الضروري أن تتعلمها البنت هي قدسية الأسرة، حيث إن البنت يجب أن تؤمن بذلك إيماناً كاملاً، وأن الحياة العائلية وتربية الأبناء كمسألة مقدسة، وهنا يجب أن تكون لمسألة إدارة الأسرة قيمة واعتبار خاص في نفسها، وأن تتقبل مسألة إدارة الأسرة من أعماق وصميم قلبها، إننا نعتقد بأن إدارة البيت والأسرة لا تقل أهمية عن إدارة المصنع والمعمل، فالبيت مهما كان بسيطا والأسرة صغيرة فإنها تحتاج إدارة وإشراف، تحتاج إلى مدير له علم بكيفية توفير السعادة والسرور والصفاء للأسرة، لكي يشعر أفراد الأسرة بالفرح والسرور  والبهجة، إنّ حياة أفراد الأسرة بحاجة إلى الإدارة والتدبير الناجح، يعني بحاجة الى بنات يقمْن بإدارة العائلة بالصورة المناسبة، فيحافظن على أفرادها من الضرر والأمراض، ويدبرن الشؤون المالية للبيت، ويخترن الأثاث المنزلية المناسبة، وكل ذلك له تأثير على سعادة وسلامة الأسرة، ويجب تربية البنت على هذا النحو لكي تقوم بهذه المسؤوليات.

 ونستطيع القول إنّ لسعادة البنت وشقائها علاقة- إلى حد كبير- بعمل وسلوك الأم، ومستوى تأثيرها على أبنائها يجب أن تعلم الأم أن أقلّ عمل تعمله يكون بمثابة بذر تزرعه في ذهنهم ومخهم، وكل أعمالها تؤثر على أوضاع أبنائها، إن أعمال الأم الحسنة والسيئة وحبها للخير أو الشر احسانها وإنعامها حفظ لسانها من الغيبة والبهتان والافتراء والكذب وكلّ ذلك يؤثر تأثيراً بالغاً على أبنائها، وبالأخص البنت التي تكون دائماً بالقرب من أمها، حتى في المجالس النسوية فهي ملازمة لأمّها حيث نرى بعد ذلك أن كل ما تعلمته الأم قد تعلمته من أمّها، فتمارس ذلك في مواقفها العائلية وفي معاملتها مع زوجها وأولادها فيكون سلوك وعمل أمّها بمثابة قدوة تعتقد بها اعتقاداً راسخاً، وعلى هذا الأساس تكون مسؤولية الأم أمام الله مسؤولية عظيمة.

وإذا نظرنا لحياة الزهراء (عليها السلام) نلاحظ أنّها قد رضعت مع لبن خديجة (عليها السلام) حب الإيمان ومكارم الأخلاق، وحنان الأب الرسول (صلى الله عليه وآله) والام أم المؤمنين الطاهرة خديجة (عليها السلام)، وهكذا عاشت فاطمة (عليها السلام) في ظلال هذا الجو الروحي، والسمو العائلي، وتشبّعت روحها بالحنان النبوي الكريم، ويسأل الإمام علي (عليها السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيقول: يا رسول الله أي أهلك أحب إليك؟ قال (صلى الله عليه وآله): (فاطمة بنت محمد)[1] وتكبر فاطمة الزهراء (عليها السلام) وتشبّ، ويشبّ معها حب أبيها لها، ويزداد حنانه عليها، وتبادله فاطمة(عليها السلام) هذا الحب، وتملأ قلبه بالعطف والرعاية فيُكنِّيها «أم أبيها»، لقد كانت تحنو عليه (صلى الله عليه وآله) حنو الأمهات على أبنائهن، إنه النموذج والقدوة من العلاقة الأبوية الطاهرة التي تساهم في بناء شخصية الأبناء، وتوجه سلوكهم وحياتهم، وتملأ نفوسهم بالحب والحنان، لقد كانت هذه العلاقة هي المثل الأعلى في رعاية الاسلام للفتاة والعناية بها، وتحديد مكانتها.

نقاط مهمة:

وأخيراً نلفت نظر الأمهات المحترمات إلى النقاط التالية:

 * يجب أن تسعى الأم لتجعل البنت مسرورة لكونها أنثى.

 * يجب أن تخلق الأم لدى ابنتها بواسطة التذكير والعمل الشعور بالمسؤولية والرغبة في أداء دور المرأة ويتم هذا العمل تدريجياً.

 * يجب أن تجيب على أسئلة ابنتها بصراحة في مرحلة البلوغ حتى لا تضطر إلى أن تسأل من شخص لا اطلاع ولا خبرة له.

 * يجب أن تربى غرائز البنت في مرحلة البلوغ باختيار نوع الغذاء واللباس وكذلك الحرف والفنون الأخرى.

 * يجب تقوية علاقة البنت بأمّها في مرحلة البلوغ والإعداد لتشكيل العائلة.

 * يجب أن تخلق لدى البنت قدرة مواجهة الصعاب التي تعترض طريق حياتها.

 * يجب أن تكون أحاسيس البنات مختلفة عن أحاسيس البنين، ولا تدعوا البنت تتصرف تصرف الولد.

 * يجب أن تتعلم دروساً في تحمل المسؤولية وتكون لها القدرة على تقبل مسؤولية الحياة العائلية.

 * يجب أن تنال قسطاً من الوعي حول الأمراض والصعوبات والتزلزل في الإرادة كحالات طارئة تتعرض لها في مرحلة البلوغ.

 * وفي كل الأحوال يجب أن تكون الأم في أسرتها نموذجاً للأم والمرأة والزوجة الصالحة كي تتعلم منها ابنتها ذلك.

 


[1] بحار الأنوار: ج43، ص78.