الكوفة في استقبال الوصي (عليه السلام)

في الحادي عشر من شهر رجب سنة (36) هجرية، وصل أمير المؤمنين (عليه السلام) الكوفة، ولم نجد في التأريخ وصفاً لمدينة الكوفة حال زينت قدما سيد الوصيين (عليه السلام) ترابها، ربما ركّز المؤرخون أنها فضيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) فأغمضوا عيونهم عن الكوفة كيف كانت وهي تحمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على ظهرها.

لماذا لا نسألها: أيتها المدينة المباركة كيف حالك وأنفاس الوصي (عليه السلام) تتفاعل مع هوائك الصافي. أي نوع ولون من الثياب لبست لهذا اللقاء الذي تغبطك عليه كل ذرات تراب البقاع الأخرى؟

بماذا جرى النهر الذي بين جنبيكِ وهو يلامس بشرة إمام الموحدين (عليه السلام) حال الوضوء؟ جرى بدموع الفرح اللذيذة؟ أم جرى بالتهليل والتسبيح شكراً لله على ما شرفه وأكرمه بهذا اللقاء؟

وهل تحولت أشجارك أقلاماً راحت مبتهجة تكتب الترحيب تارة، وترسم الفخر تارة أخرى، فلا توأم لترابك من تراب؟ كيف لا وهو تحت حنان أقدام خليفة النبي (صلى الله عليه وآله).

إذا كانت الجنة تحت أقدام الأمهات، فماذا تجد الكوفة تحت أقدام إمام الكائنات؟

كيف تنفست رمالك وهي تسمع ابتهاج الملائكة بوصفك عاصمة للخلافة؟

وأي خلافة؟ خلافة عدل أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث قال: (لَوْ شِئْتُ لَاهْتَدَیتُ الطَّرِیقَ إِلَی مُصَفَّی هَذَا الْعَسَلِ وَ لُبَابِ هَذَا الْقَمْحِ وَ نَسَائِجِ هَذَا الْقَز، وَ لَکنْ هَیهَاتَ أَنْ یغْلِبَنِی هَوَای وَ یقُودَنِی جَشَعِی إِلَی تَخَیرِ الْأَطْعِمَةِ، وَ لَعَلَّ بِالْحِجَازِ أَوْ الْیمَامَةِ مَنْ لَا طَمَعَ لَهُ فِی الْقُرْصِ وَ لَا عَهْدَ لَهُ بِالشِّبَعِ، أَوْ أَبِیتَ مِبْطَاناً وَ حَوْلِی بُطُونٌ غَرْثَی وَ أَکبَادٌ حَرَّی)[1].

لقد اختارك أمير المؤمنين واصطفاك على أراضي العالمين، فهنيئاً لك هذه الكرامة الأبدية.  

مجلة ولاء الشباب العدد (47)

 


[1] نهج البلاغة، الشريف الرضي: ج1، ص678.