جاء رجل إلى العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي وهو والد الشيخ المجلسي صاحب الموسوعة المعروفة ببحار الأنوار رضوان الله تعالى عليهما فقال: يا شيخ هل يمكنك أن تعالج مشكلتي مع جار لي كثير الفسق والفجور شارب للخمر يجتمع مع أصحابه كل ليلة في البيت ويمارسون الفساد ونحن نقاسي الأذى منهم حتى الفجر؟
فقال الشيخ (رحمه الله): ادع رئيسهم إلى العشاء ولا تخبره باني مدعو أيضاً، فائتمر الرجل بأمر الشيخ، ففرح رئيس الفساق بانضمام الجار إليهم وفرح أصحابه أيضاً بهذا الكسب الجديد، ولما دخل الرئيس ومجموعته ومرافقوه بيت الجار فوجيء بوجود الشيخ هناك وانزعج ولكنه كتم انزعاجه، وجلس بقرب الشيخ وأراد السخرية منه ليضحك عليه أصحابه فقال: يا شيخ سجاياكم أفضل أم سجايانا؟
أجابه الشيخ: فليبين كل منا نمط سجاياه، عند ذلك نعرف سجايانا أفضل أم سجاياكم، فقال رئيس المجموعة الفاسدة: انه لكلام معقول، فاما سجايانا أيها الشيخ إننا إذا أكلنا من طعام احد لا نكسر مملحته ولا نخونه كناية عن انهم يحسنون التعامل مع الذي يطعمهم ويحسن إليهم كهذا الجار صاحب الدعوة، وكان يريد بهذا الكلام ان يكسب صاحب الدعوة إلى نفسه.
فقال الشيخ: انني لا أراك ملتزماً بكلامك هذا؟
قال الرئيس: انا وأصحابي كلنا ملتزمون بهذا الكلام.
فقال الشيخ: الستم تأكلون من نعم الله وتعصونه؟
وما ان طرقت هذه الكلمة سمعَ الرجل حتى اطرق برأسه إلى الأرض غارقاً في التفكير والتأمل، ثم قام وخرج وتبعه أصحابه، فاسودت الدنيا في عيني صاحب الدار خوفاً من الرجل العاصي وأصحابه.
فقال للشيخ: لقد أغضبته فسوف ينتقم مني، ما هذه الورطة التي ورطتني بها يا شيخ؟ لقد كنت ابحث عن حل لمشكلتي فتعقدت الان باسلوبك هذا،
فقال الشيخ: لقد وصل الامر إلى هذا الحد، ولننظر ماذا يحدث غداً ولا تخف.
وفي الصباح طرق باب دار الشيخ الجليل ولما فتح الباب فإذا برئيس المجموعة يبادر الشيخ بالقول بعد السلام طبعاً: لقد تأثرت بكلامك البارحة وها انا جئت مغتسلاً من ذنوبي كلها تائباً إلى الله تعالى وأريدك أن تعلمني أحكام الدين.
عن الإمام الصادق (عليه السلام): (أيّما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة، وهو يقدر على قضائها فمنعه إيّاها، عيّره اللّه يوم القيامة تعييرا شديد، وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاؤها في يدك فمنعته إيّاها زهدا منك في ثوابها، وعزّتي لا أنظر إليك اليوم في حاجةٍ معذّبا كنت أو مغفورا لك)[1].
وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): (من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله، فلم يجره بعد أن يقدر عليه، فقد قطع ولاية اللّه عزّ وجل)[2].