الوضوء

(الوضوء من الطهارات الواجبة للدخول في الصلوات الواجبة والمستحبة عموماً)

هكذا بدأ أبي كلامه وهو يشرح كيفية الطهارة بالوضوء لما يشترطها من الواجبات والمستحبات من العبادات.

‏فسرحتُ في داخلي مستذكراً على عجل نماذج مما «يحدث» فيسلب طهارة جسدٍ كان متنعّماً قبل ذلك بنقائه مكسوّاً ببياض طهارته‏، وفي أثناء ذلك طرحت تساؤلاً على أبي: تُرى لماذا أتطهّر؟

فقال أبي: حتى نصلّي، وحتى نطوف حول بيت الله الحرام في الحج أو العمرة، وحتى يجوز لنا مسّ كتابة القرآن الكريم واسمائه تعالى وصفاته الخاصّة به «كالرّحمن والخالق» مثلاً‏ على الأحوط وجوباً.

‏ ‏‏ فقلت له: أتوضّأ بالماء طبعاً.. ولكن هل من شروط في الماء الذي أتوضّأ به؟

قال أبي: نعم‏.

‏‏ أن يكون الماء طاهراً، مطلقاً غير مضاف، كماء الاسالة، وماء الكأس الذي تشربه، لا كماء الرمّان ـ مثلاً، وأن تكونَ أعضاء وضوئك طاهرةً، وأن يكون الماء مباحاً غير مغصوب، وكذلك المكان الذي تتوضّأ فيه‏، والمقصود من اشتراط إباحة المكان انّه إذا انحصر الوضوء بالمكان المغصوب سقط عنك وجوب الوضوء، وعليك التيمّم، ولكن لو خالفت وتوضأت في المكان المغصوب صحّ وضوؤك وان كنت آثماً‏.

‏‏فقلت لأبي: وكيف أتوَضّأ...؟

فقال ابي: أن تنوي الوضوء تقرّباً الى الله تعالى، فتبدأ بغسل وجهك من منبت الشّعر أعلى الجبهة الى الذّقن طولاً، وما دارت عليه الابهام والاِصبع الوسطى عرضاً، وأن تغسل وجهك مبتدئاً من أعلاه الى أسفله من دون حاجة الى تخليل الشعر إذا كان كثيفاً، والشعر الر قيق النابت على البشرة يغسل مع البشرة‏، وتغسل يديك بعده من المرفق الى أطراف الاصابع مبتدئاً باليد اليمنى ثمّ اليسرى غاسلاً من أعلى المرفق ونازلاً الى أطراف أصابعك منتهياً بأصابعك دائماً‏.

‏ ‏‏ فقلت لأبي: وما المرفق؟

قال: مجمع عظمي العضد والذراع‏.

ثم أكمل والدي: وبعد ذلك تمسح مقدّم رأسك ويرجّح أن يكون بباطن كفّك اليمنى وأن تبدأ المسح من الأعلى الى الأسفل ويجزيك أن تمسح على الشعر المختص بالمقدّم ولا يجب المسح على البشرة‏، وتمسح كذلك رجليك ما بين أطراف الاَصابع ومفصل الساق ويرجّح ان تمسح رجلك اليمنى بنداوة كفّك اليمنى ورجلك اليُسرى بنداوة كفّك اليسرى ولا يجوز المسح بماء جديد، كما لا يجوز تقديم الرجل اليسرى على اليمنى في المسح.

‏ ولاحظ في وضوئك، الترتيب في غسل ومسح الأعضاء، والموالاة، ويُقصد بها التتابع العرفي بين أفعال الوضوء، بأن يكون الشروع في غَسل العضو اللاحق أو مسحه قبل أن يجف العضو السابق، ولا يضرّ الجفاف لو كان مسببه الرّياح أو الحرّ إذا كان التتابع العرفي متحقّقاً‏، وأن تباشر الوضوء بنفسك، اِن أمكنك ذلك‏.

‏ ‏‏ فقلت لأبي: وإذا لم أتمكن؟

قال أبي: يمكن أن يوضّئك غيرك.

ولاحظ في وضوئك أيضاً، أن لا يكون هناك حائل يمنع وصول ماء الوضوء الى البشرة كالصبغ والصمغ وطلاء الأظافر للنساء وغيرها، علماً بأن الدسومة لا تضر ولا تحجب‏، وأن لا يكون هناك سبب يمنعك من استعمال الماء كالمرض، واِلاّ وجب عليك التيمّم بدلاً من الوضوء‏.

فقلت لأبي: ‏‏ إذا توضأت ثم جاء وقت صلاة أخرى فهل عليّ أن أجدّد الوضوء؟

قال: لا، ما لم ينتقض وضوؤك‏.

‏ ‏‏ فقلت: وكيف ومتى ينتقض وضوئي؟

فقال ابي: نواقض الوضوء سبعة: خروج البول، والغائط، والريح، والنّوم، وكل ما يزيل العقل كالإغماء والسُكر والاستحاضة القليلة والمتوسطة، والجنابة‏.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (22)