جامع الوزير في بغداد

جامع الوزير في بغداد

جوامع بغداد ومساجدها ظاهرة بارزة، وحالة مشهودة هي أنّ يختار لها أجمل البقع من المدينة، وفي الغالب تقع على شاطئ دجلة، أو في أماكن أُخرى ذات منزلة ممتازة، وجامع الوزير يُعدّ من أكبر جوامع بغداد القديمة مطلاً على نهر دجلة.

موقع الجامع:

يقع جامع الوزير في قلب سوق السراجين، بالقرب من سوق المتنبي، ويضيف للسوق جمالية بما يتميز به من زخرفة فنية في العمارة، وجمالية في البناء، بابه الخشبي محاط بالطابوق الأصفر ومزجج بالأزرق، وحين تلج البناء تعتقد بأنك ستكون أمام مبنى لا تتجاوز مساحته مساحة أي محل من المحلات التي تحيطه، حتى تتفاجأ بأنك داخل باحة واسعة تصل إلى أكثر من 1000 متر مربع، وجدران مزينه بالزخارف والكتابات التي توحي بانك أمام تحفة أثرية نادرة هي جامع (الوزير).

يقول السيد قاسم علوان صالح مؤذن الجامع: بُني جامع الوزير على أثر قصة قد تكون حقيقية أو خيالية وهذا يعود إلى ما مدون في كتب التاريخ، القصة تحكي غرق سُفُن على ضفة نهر دجلة أدت إلى بناء هذا الجامع، عملتُ فيه قبل أكثر من عشرين عاماً. هذا الجامع له خصوصية في جمالية البناء والطراز المعماري الفني النادر، وهو يعد من أجمل عشرة جوامع تاريخية في العراق، فيه شجرة للسدر، عمرها من عمر البناء، نال الجامع عمليات تأهيل وترميم في ثمانينيات القرن الماضي، ولا يمكن أنّ نقوم بأي عملية ترميم الآن إلّا بالعودة إلى دائرة التراث.

مساحة وشكل البناء:

شُيّد المسجد بمساحة تصل إلى (1000م2) وفيه مكانين للصلاة الصيفي يسع لـ(330) شخص، والشتوي يسع لـ(500) شخص، له بابان، واحد يقع مقابل جسر الشهداء والآخر على سوق السراجين، وهو الباب الرئيسي، ويعتبر من الجوامع المهمة والأثرية في بغداد؛ لكونه واحد من سلسة أبنية مهمة تقع على ضفاف دجلة وتعود للفترات السلجوقية والعباسية والعثمانية.

المِئْذَنة والقبة:

يحتوي على مئذنة وقُبّة بصلية مغلفة بالقرميد المزجج والرخام، ومن الداخل فيه زخارف عبارة عن حنايا ومقرنصات مزينة بأيات قرآنية وزخارف نباتية، أبدع المعماري العراقي والمهندس وحتى البناء في إنجاز هذه التحفة التاريخية. ويؤكد المؤرخ محمود الآلوسي إن هذا الجامع كان قد انهار عام (1952م) فقامت مديرية الأوقاف ببنائه عام (1957م) بذات التصميم والزخرفة، وكانت تصدر منه صحيفة تُسمى (الثقافة الإسلامية)، وتوالى على إدارته عدد من الأئمة والخطباء؛ لأنه مركز فكري أُقيم في منطقة معروفة ببيع الكتب وتداول الأفكار والمقاهي التاريخية، وهو واحد من عشرة جوامع مهمة ونادرة. 

وقد قوي هذا الجامع على مرّ العصور، وثبت على كل الدهور ولم يختلف وضعه، إلّا أنّه في أيامنا الأخيرة أصابه الخراب، فبقى مدة طويلة مهملاً، وقد أخرجت وزارة الأوقاف من فنائه الرحب سوقاً توفيراً للمال، كما أخذ قسم كبير منه للشارع بسبب توسيع (الجسر القديم) في سنة (1939م) حيث نصب مجدداً ويُدعى اليوم (جسر الشهداء) ففقد سمعته، ولا يزال موقعه ممتازاً.

المصدر: بيوت المتقين (89) شهر شوال 1442هـ