من الذين جعل الله لهم شرف الطاعة والحظوة عند آل محمد(عليهم السلام) هي السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد(عليه السلام)، المتوفية سنة (274) هـ، فإنها حظيت بالنسب الطاهر المبارك لأئمة الهدى(عليهم السلام)، وتعلمت علوم القرآن وأهل البيت(عليهم السلام) من تلك البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
وقد تشرفت بمعاصرة أربعة من الأئمة هم الإمام الجواد(عليه السلام)، والإمام الهادي(عليه السلام)، والإمام العسكري(عليه السلام)، والإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وذكرت مصادرنا أن حكيمة حضرت عند ولادة الإمام المهدي(عليه السلام)، فهم أهم راوٍ لولادة الإمام الموعود(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وهذا يدل على عظم شأنها ومقامها عند الإمام العسكري(عليه السلام)، وإنه(عليه السلام) لم يطلع أحداً على ولادة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) سواها!
إضافة إلى كونها من سفرائه طوال الغيبة الصغرى، ودفنت إلی جانب الإمامين العسكريين(عليهما السلام).
رُويت عن حكيمة أخبار، منها أخبار تزويج الإمام العسكري(عليه السلام) بنرجس وولادة الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ومنها حرز الإمام الجواد(عليه السلام)، ومن أهمّ ما روته ولادة الحجة بن الحسن(عجل الله تعالى فرجه الشريف):
فعن السيدة حكيمة(رضي الله عنها) بنت محمد بن علي الرضا(عليهما السلام) قالت: بعث إلي أبو محمد(عليه السلام) سنة خمس وخمسين ومأتين، في النصف من شعبان، وقال: يا عمة اجعلي الليلة إفطارك عندي، فإن الله عز وجل سيسرك بوليه وحجته على خلقه، خليفتي من بعدي، قالت حكيمة: فتداخلني لذلك سرور شديد، وأخذت ثيابي عليّ، وخرجت من ساعتي حتى انتهيت إلى أبي محمد(عليه السلام)......إلخ)، ثم تذكر لقاءها بأم الإمام والأحداث التي حدثت تلك الليلة.
إلى أن تقول: فناداني أبو محمد يا عمة هلمي فأتيني بابني، فأتيته به فتناوله وأخرج لسانه فمسحه [على] عينيه ففتحها، ثم أدخله في فيه فحنكه ثم في أذنيه، وأجلسه في راحته اليسرى فاستوى وليّ الله جالساً، فمسح يده على رأسه، وقال له: (يا بني انطق بقدرة الله، فاستعاذ وليّ الله (عليه السلام) من الشيطان الرجيم، واستفتح: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)، وصَلّى على رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)، وَعَلى أَميرِ المُؤْمنينَ، وَالأَئِمّةِ(عليهم السلام) واحداً واحداً، حَتّى انتهى إِلى أَبيهِ).
فالسلام على عمة الأئمة (عليهم السلام)، والعالمة والراوية والمحدثة، رزقنا الله معرفتها وشفاعتها[1].
المصدر: مجلة اليقين العدد (64)، الصفحة (11).