تزوّجت السيّدة أسماء جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهاجرت معه إلى الحبشة، وبعد استشهاده في معركة مؤتة تزوّجها أبو بكر، وبعد موته تزوّجها الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فانتقلت إلى بيته مع أولادها، وفيهم محمّد الذي كان يومئذٍ ابن ثلاث سنين، وهذه المرأة المؤمنة الطاهرة هي أم محمد بن أبي بكر، فنشأ محمد في حِجر الإمام عليّ (عليه السلام) إلى جانب الحسن والحسين (عليهما السلام)، وامتزجت روحه بهما، وكان الإمام (عليه السلام) يعتبره مثل أبنائه حيث يقول فيه: «محمّد ابني من صُلب أبي بكر».
ولد محمد سنة 10 للهجرة، ويكنى أبا القاسم، وقيل أبو عبد الرحمن، وكان مجدّاً في الجهاد والعبادة، ولجِدِّه في عبادته سُمّي عابد قريش.
كان محمّد أيّام حكومة عثمان بن عفّان في مصر، وفيها بدأ انتقاده على حكومة عثمان، واشترك في الثورة على عثمان، وبعد أن بويع أمير المؤمنين بالخلافة كان محمد من أنصار وشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)
وحمل كتاب الإمام إلى أهل الكوفة قبل نشوب حرب الجمل، وكان على الرجّالة فيها، وبعد انتهاء معركة الجمل بانتصار الإمام (عليه السلام)، تولّى محمد متابعة الشؤون المتعلّقة بعائشة - باعتبارها أخته - وأعادها إلى المدينة المنوّرة، ثم ولاّه الإمام عليّ (عليه السلام) على مصر عام 36ﻫ، وكتب له عهداً بذلك، بعدما عزل قيس بن سعد عنها، وكان الإمام (عليه السلام) يُثني عليه، ويذكره بخير في مناسبات مختلفة.
استُشهد (رضي الله عنه) في 14 صفر 38ﻫ في مصر، على يد معاوية بن حُدَيج الكندي، الذي أرسله معاوية بن أبي سفيان مع جيش جرّار لاحتلال مصر، وأحرقوا محمد رضوان الله عليه في جوف جلد حمار ميّت.
ولقد حزن عليه الإمام عليّ (عليه السلام) حتّى رُؤي ذلك فيه، وتبيّن في وجهه، وقام في الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: لقد كان إليَّ حبيباً، وكان لي رَبيباً، فعند الله نحتسبه ولداً ناصحاً، وعاملاً كادحاً، وسيفاً قاطعاً، وركناً دافعاً، حتى قيل لعليّ (عليه السلام): (لقد جزعت على محمّد بن أبي بكر يا أمير المؤمنين؟ فقال: «وما يمنعني! إنّه كان لي ربيباً، وكان لبنيّ أخاً، وكنتُ له والداً، أعدّه ولداً»).
ويُعدُّ محمد من حواري وخواص وأصفياء أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن السابقين المقرّبين.
قال الإمام الكاظم (عليه السلام):«إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله، رسول الله (صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
ثمّ يُنادي: أين حواري عليّ بن أبي طالب، وصيّ محمّد بن عبد الله رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي، ومحمّد بن أبي بكر، وميثم بن يحيى التمّار مولى بني أسد، وأويس القرني».
المصدر: مجلة اليقين العدد (14)، الصفحة (7).