هناك روايات كثيرة واردة عن المعصومين (عليهم السلام)، تصرح بمظلومية الزهراء (عليها السلام) في ما يرتبط بالهجوم على بيتها، وقصد إحراقه، بل ومباشرة الإحراق بالفعل، ثم ضربها، وإسقاط جنينها، وسائر ما جرى عليها في هذا الهجوم، وهي روايات متواترة، حتى لو لم يُضم إليها ما رواه الآخرون، وما أثبته المؤرخون وغيرهم، وهو أيضاً كثير وكثير جداً.
ونحن نذكر هنا طائفة من النصوص المروية عن خصوص المعصومين (عليهم السلام)، ليتضح هذا الأمر.
ولكن قبل ذلك نقول:
روايتان أمام القارئ:
في الأمالي للشيخ الطوسي(قدس سره) قال: عن أم الفضل بنت العباس، قالت: لما ثقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي توفي فيه، أفاق إفاقة ونحن نبكي فقال: ما الذي يُبكيكم؟
قلت: يا رسول الله نبكي لغير خصلة، نبكي لفراقك إيانا ولانقطاع خبر السماء عنا، ونبكي الأمة من بعدك.
فقال (صلى الله عليه وآله): (أما إنكم المقهورون والمستضعفون من بعدي)[1].
أبو بكر الشيرازي فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن مقاتل، عن عطاء في قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ...)[2]، كان في التوراة: (يا موسى إني اخترتك واخترت لك وزيراً هو أخوك - يعني هارون - لأبيك وأمك، كما اخترت لمحمد إليا، هو أخوه ووزيره ووصيه والخليفة من بعده، طوبى لكما من أخوين، وطوبى لهما من أخوين، إليا أبو السبطين الحسن والحسين، ومحسن الثالث من ولده كما جعلت لأخيك هارون شبرا وشبيرا ومشبرا)[3].
ملاحظة:
قد بدأنا بهاتين الروايتين رغم معرفتنا بأن الأولى عامة، إلى درجة لا مجال لعدِّها في جملة الروايات التي نحن بصدد عرضها، والثانية ليست مروية عن المعصومين، إلا أننا أردنا:
أولاً: أن نشير إلى وجود نصوص - وهي كثيرة - تتضمن هذا المعنى، أعني: إرادة استذلال أهل بيت النبوة وقهرهم.
ثانياً: أن نهيئ القارئ للتعرف على ما سيأتي من أحداث، والتي تندرج في محاولة القوم في تحقيق هذا الأمر المتقدم، أعني: التعدي، والاستذلال، والقهر والاستضعاف لأهل بيت النبوة (عليهم السلام) .
وثالثاً وأخيراً: لأن هذا الحديث الثاني يشير إلى الموجود في بعض كتب الله المنزلة، وهو أيضاً يدل على وجود المحسن المظلوم، الذي يحاول البعض أن يتنكر حتى لوجوده.
فإلى ما يلي من روايات وآثار شريفة، والله هو الموفق والمسدد.