مسيرة العشق الحسيني وهذا الحشد المقدس الذي يتجه صوب كربلاء كل عام في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) دليل على خلود الثورة الحسينية، وانتصار المفاهيم والقيم والمبادئ التي جاء بها وخرج من اجلها الإمام الحسين (عليه السلام)، واثبت بان واقعة كربلاء كانت وما زالت ثورة على الطغاة، والواقع المتردي للأمة من اجل إيقاف الممارسات التي تعمل على انحراف الدين الحنيف.
ها هم يمشون في طريق الحق ويبذلون الغالي والنفيس من أجل بلوغ الأهداف السامية، والاقتداء بمكارم الأخلاق التي تعلموها من الإمام الحسين (عليه السلام) ومن ثورته التي أراد من خلالها تقويم مسيرة الإسلام، ولقد قام الإمام الحسين (عليه السلام) من خلال ثورته وخطبه في توعية الناس بضرورة الوقوف بوجه الظالم وقول الحق والعودة إلى طريق الإسلام الحقيقي، ونجح في ذلك من خلال تقديم نفسه وأهله قرابين في سبيل إصلاح الأمة في مشروعه الإصلاحي الكبير.
وهذه بعض كلماته (عليه السلام) حول حركته الإصلاحية قبل أن يخرج من المدينة إلى مكة بادئاً رحلة الشهادة كتب الرسالة التي وجهها إلى بني هاشم، والتي تحدثت عن أمور غيبية أثارت فضول أهل المدينة، وعرفوا مضمونها وجاء فيها: « بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى بني هاشم، أما بعد: فإن من لحق بي منكم استشهد، ومن تخلف لم يبلغ الفتح والسلام»[1].
وعند خروجه من المدينة قال (عليه السلام): «إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولا مفسدًا ولا ظالمًا، إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»[2]، وقال في كلمة أخرى يوم عاشوراء: «ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وأن الباطل لا ينتهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقّاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة، ولا الحياة مع الظالمين إلا برما»[3].
قبلة الأحرار:
قد أصبح الإمام (عليه السلام) قدوة للملايين، ومن كان الحسين (عليه السلام) قدوته لا يمكن أن يقبل بالذل ولا يصبر على الهوان، ومن ثورته تعلم الإنسان المسلم وغير المسلم الثورة على الطغاة والوقوف بوجه التسلط والظلم ورفض ممارسات ورغبات الحكام الفاسدين؛ لان هذه الثورة كانت وما زالت الضوء والأمل الذي يتطلع إليه كل ثائر حر ومظلوم في الأرض، فلقد سنّ الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء سنّة الإباء لكل إنسان يدين بقيم السماء وينتمي إليها ويدافع عنها وأراد من خلال ذلك الموقف أن يغير الواقع الفاسد الذي كانت تمر به الأمة الإسلامية، إلا إن الأمر لم يكن ليتوقف عند الأمة الإسلامية، حيث تأثرت الكثير من الأمم والشخصيات المعروفة بالثورة الحسينية حتى قيل الكثير وكتب المؤرخون عن ثورة الحسين (عليه السلام) وتأثيرها في الوعي الإنساني بضرورة المطالبة بالحق والتصدي للطغيان مهما كان متجبراً وخطيراً.
وفي الختام نقول: مهما تحدثنا وأسهبنا في الحديث عن طريق العشق فالكلام فيه ليس له نهاية؛ لان العشاق يسيرون إلى مصباح الهدى وسيد شباب أهل الجنة التي ذاب العشاق في حبه، وهم بزيادة مستمرة كل سنة أكثر من التي تسبقها، فأي شخص هو ذاك الذي اسر تلك القلوب وجعلها تسير له دون تفكير في تعب ومشقة الطرق، حقاً سيدي قد جعل حبك فطري في قلوب الناس فها انت فأين من حاربك؟!.