الإعداد يحتاج لعدة مقومات منها

 إن عملية التمهيد والأعداد لا تتوقف على الأفراد فحسب، فهي تحتاج إلى أدوات متعددة وعمل جماعي، ومن مرتكزاتها -كما أشرنا- الوحدة بين أفراد المجتمع، والتعاون بين أجهزته المتناسقة مع بعضها والتي تنطوي تحت نظام واحد يتمثل في قيادة حكيمة عالمة التي تدير شؤون المجتمع  الممهدة والتي يحكمها التشريع الإسلامي. إن جماعة الانتظار تطمح على المستوى الجماعي تحقيق برامجها على ضوء الآمال المعقودة على ترقب الدولة المهدوية. فإن نجاحها يكمن في تفاؤلها الطموح في قيام دولة الحق والعدل، وتصوغ أعمالها على أساس ذلك. فهي في حيوية دائمة غير مشلولة نتيجة الإحباطات السياسية المحيطة بها، فهذا المجتمع المنتظر والممهد يحمل أفراده عدة صفات منها:

الإيمان:

إن فكرة المهدي (عجل الله فرجه الشريف) هي فكرة اشتركت بها جميع الأديان، وتعددت المذاهب المختلفة التي آمنت بخروج المخلص، لكن انفردت بخصائصها وتفاصيلها الثلة المؤمنة التابعة لمذهب آل البيت (عليهم السلام)، لذا فإن أهم ما يميز مجتمع التمهيد هو الإيمان بحقيقة وجود صاحب الزمان(عجل الله فرجه الشريف) وهذا الإيمان باعث على العمل وإصلاح النفس لدى أفراد المجتمع الإيماني الذي يغلب عليه طابع العبادة والتقوى والبصيرة والعلم. عن الإمام الصادق(عليه السلام) أنه قال: «...أنّ الله تبارك وتعالى عَلِمَ أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما أفقدهم حُجّتَه طرفةَ عين، ولَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى رَأْسِ شِرَارِ النَّاسِ»[1]. وعنه (عليه السلام) قال: «يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا، المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره، أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون»[2].

المعرفة:

 وتختلف عن العلم وتعني المعرفة الإيمانية التي تتمحور حول فهم ومعرفة المفاهيم الإسلامية وتأصيلها في المجتمع الإسلامي على مستوى النظرية والتطبيق، فلا معرفة بلا عمل ولا عمل بلا معرفة كما ورد في الروايات، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة،ولا معرفة ألا بعمل،فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إن الإيمان بعضه من بعض». الكافي للكليني:ج1،ص44. وعنه (عليه السلام) قال: «... يَا زُرَارَةُ إِذَا أَدْرَكْتَ هَذَا الزَّمَانَ فَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي..»[3].

التوجه العبادي:

 أن يكون لديه الحرص على أداء الطاعات والعبادات واجتناب الذنوب والمعاصي التي نهى عنها الشارع المقدس، بسبب صعوبة مراعاتها في ظل ازدياد الفتن وكثرة الملحدين والمشككين والمتصدين لإضلال المسلمين. فالعبادة بجميع مفرداتها خير وسيلة لتركيز صفة الانتظار في النفس الإنسانية، ومن أهم العبادات التي تشكل عاملا مهما في بناء الشخصية المنتظرة ذكر الإمام (عجل الله فرجه الشريف) والدعاء له، والدعاء بتعجيل الفرج الذي سموه (عليهم السلام) (فرجنا)، فالدعاء رباط وثيق بالمدعو له؛ لأن الدعاء من الأسباب الكونية المؤثرة في تغير الأحداث وتعجيل الخير ويدفع البلاء ولو أبرم إبراما، ويكون اكثر قبولا من المؤمن المؤهل للتمهيد لظهور الإمام (عجل الله فرجه الشريف) لأنه يسعى في تهيئة وتمهيد الأسباب الموجبة للظهور.

عن الصادقين (عليهما السلام): «...متى حضرك من دهرك تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي عليه وآله السلام:  اللهم كن لوليك فلان بن فلان (الحجة بن الحسن) (عجل الله فرجه الشريف) في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظا وقائداً وناصراً ودليلا وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمكنه فيها طويلا»[4].

 والحمد لله رب العالمين

 


[1] الكافي للكليني:ج1،ص333.

[2] كمال الدين وتمام النعمة:ص357.

[3] الكافي للكليني: ج1، ص337.

[4] التهذيب للشيخ الطوسي:ج3،ص103.