لقد شاء الله تعالى أن يكون خاتم أنبيائه (صلى الله عليه وآله) على صورة تليق بعُلُوِّ منزلته على سائر العباد، حتى صارت شمائله تجاري كريم خصاله، وظاهره يوافق جميل باطنه، ولا بأس أن نمرّ على ما جاءنا من التاريخ في نعت بعض خلاله الكريمة، لنستزيد بذلك معرفة به وحُبّا له، فإن الحب فرع المعرفة..
روي أنه(صلى الله عليه وآله) كان فخما مفخّما، وفي العيون معظّما، وفي القلوب مكرّما، يتلألأ وجهه تلألأ القمر ليلة البدر، أزهر منوّر اللون مشربا بحمرة.. أغَرّ أبلج[1]، واسع الجبين، دافئ الجبهة، أدعج[2]، أكحل، أهدب الاشفار[3]، أشكل العينين[4]، مقرون الحاجبين، سهل الخدين، طويل الزندين، عريض الذراعين، عريض الصدر، ضخم القدمين، كثّ اللحية، سبط الشعر، كأن عنقه في صفاء الفضة، معتدل الخلق، لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصير الشائن، كأن كفه كف عطّار مسّها الطيب، إذا رضي وسرّ فكأن وجهه المرآة، وإذا ضحك افترّ عن سنا البرق إذا تلألأ، وإذا طلع بوجهه على الناس رأوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد، كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ ورائحته أطيب من رائحة المسك الأذفر، يمشي هونا فإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جهير الصوت أحسن الناس نغمة.
وكان شديد الحياء، فإذا كره شيئا عُرف ذلك في وجهه، وكان أشجع الناس، فإذا احمرّ البأس اتقى المسلمون به فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، قد أعطاه الله الصبر، فيصبر في الضراء كما يصبر في السراء، وفي الفاقة كما يصبر في الغنى، وفي البلاء كما يصبر في العافية، فلا يشكو حاله بما يصيبه من البلاء، وإذا اشتد وجده أكثر من مسّ لحيته الكريمة.