نحن اليوم في رحاب قائد من قادة كربلاء، وشهيد من شهداء الحسين(عليه السلام)، هذا الشخص الذي يملك الكثير من المؤهلات العقلية والجسدية على أن يكون سفيراً لمهمّة عظيمة شاء الله أن تكون هذه المهمة مناراً للأحرار، ومثلاً أعلى لكل العصور، إنه مسلم بن عقيل بن أبي طالب(عليه السلام)، كان ابن خمسة عشرة سنة وتسلّم زمام كتيبة في حرب صفين، تلك الحرب التي أكلت الرجال، فكان قائداً مقداماً فيها.
اختاره الإمام الحسين(عليه السلام) مبعوثاً إلى الكوفة ليأخذ له البيعة من أهلها، بعد أن توالت مئات الرسائل تستقدمه على الطاعة والولاء، إنه ثقته وموضع أمانه واطمئنانه، إلى بلد متعدّد الطوائف والديانات والمذاهب.
إنها مهمّة عظيمة، وتكليف خطير، ربما يتوقف عليه مستقبل الدين، دخل الكوفة، وبايعه رجالها، ما يقارب ثمانية عشر ألفاً.
ولكن، بمسافة قصيرة من الزمن تفرّق هذا الجمع تحت عنف السلطة وسياسة التخويف والترويع الميدانية التي مارسها عامل يزيد، فما كان أمامه من سبيل سوى طريق التضحية ويكون خطوة أولى في طريق كربلاء ليكون دمه المبارك دليلاً لمن يريد أن يصل إلى كربلاء، فأسقط من عينه جميع الخيارات التي يحتمل أن تكون حلولاً للموقف، كالهروب من الكوفة، أو تسليم نفسه للسلطة، فدخل المعركة وحده وسجل ما حوته نفسه من معاني الفداء والتضحية.
إنه خرّيج مدرسة علي والحسين(عليه السلام) ... شعلة تنير الطريق لمن يريد أن يخطو في طريق كربلاء، إنه الرجل الذي يعرف الهدف الذي رسمه له الإمام الحسين(عليه السلام)، فبذل وضحّى بنفسه وما بدّل، وما وهن، وما استكان، ولم تثنه الغربة، ولم تُثنِه الخيانة، ولم تُثنِه الوحدة، فكان أمّةً بنفسه وسط كوفة الأحزاب فسلام على سفير الحسين ورسوله يوم وُلد، ويوم استُشهد، ويومَ يبعث حيّاً.
مجلة ولاء الشباب العدد (40)