هي الطائفة الثانية من طوائف الديانة المسيحية، وفي الحقيقة أنّ الطائفة البرتستانتية هي ليست طائفة مستقلة عن الكاثوليكية وتقع في قبالها، وإنّما جاءت بسبب انشقاق وانتقاد واعتراض على الكنيسة الكاثوليكية، قام بها الراهب الألماني (مارتن لوثر) في عام 1517م، وتألفت هذه الانتقادات من (95) نقطة، كان أبرزها (صكوك الغفران، والمطهر، والدينونة، وشراكة مريم في الخلاص، وشفاعة القديسين، ومعظم الأسرار الكنسية، وسلطة البابا)، والبروتستانت مثّلت فيما بعد معظم الطوائف المنفصلة عن الكاثوليكية والأرثوذوكسية؛ إذ شملت (اللوثرية، والميثودية، والأنجليكانية، والمعمدانية، والمشيخية، والسبتية، والخمسينية، والرافضين لبابا الفاتيكان رئيسياً للكنيسة)، ويعدّ الموطن الأكبر للبروتستانت هو البلدان الإسكندنافية وأجزاء من ألمانيا ودول أُخرى[1].
أسباب الاعتراض على الكنيسة الكاثوليكية:
تدهور المستويات الأخلاقية وتفشي حالات الفساد، كجمع المال بطرق غير مشروعة، والزنا والشذوذ، والتردد على حانات الخمر، وغير ذلك من الفواحش.
ظلم واستبداد الكنيسة؛ إذ تقوم باختيار رجال الدين بحسب ثرواتهم ومقامهم السياسي هذا من جانب، ومن جانب آخر التنكيل بمن خالف رأيها.
مخالفة المتقدات النصرانية للعقل البشري، كالقول بالتثليث، والتجسيد، وعبادة القديسين، واستغلال سذاج الشعب بالمعجزات المزيفة، وتحريف الكتاب المقدس وتفسيراته[2].
هذه الأسباب وغير قادة إلى خروج مصلحين ومعترضين على سياسة الكنيسة الكاثوليكية التي كانت بيدها مقاليد الحكم الديني والسياسي نوعا ما؛ بسبب سلطة البابا الدينية وما يتمتع به من مكانة دينية عالية على الملوك آنذاك، ولم يكن الإصلاح الذي تبنّته هذه الفئة التي عرفت فيما بعد بالطائفة البرتستانتية بقيادة (مارتن لوثر) وغيره من دون مقابل، بل جرت حروب طاحنة بين الكاثوليك والحكومات المساندة لها ضدّ البروتستانت الذي رفعوا شعار الإصلاح وانتقدوا فيه الظلم والجور الذي تمارسه الكنيسة الكاثوليكية ضدّ الشعب، ثم بعد ما زهقت أرواح كثيرة تقدر بالملايين في أوربا وغيرها من البلدان تكلل النصر والاعتراف بهم كطائفة لها حقوقها وممارساتها الخاصة بها واحترام معتنقيها وعدم التعرض لهم بسوء.
المبادئ الخمسة للعقيدة البروتستانتية:
كان (مارتن لوثر) واحداً من ضمن العديد من المُصلِحين الذين ظهروا في أوروبا واعترضوا على الممارسات الخاطئة للكنيسة في ذلك الوقت، وقد دُعِيَ اسمهم بـ(البروتستانت)، أي: بالمعترضين أو بالمحتجين.
وقد تركزت عقيدة البروتستانت على خمسة مبادئ أساسية تبدأ جميعها بكلمة (سولو) اللاتينية والتي تعني باللغة العربية(فقط)، هذه المبادئ مأخوذة من الكتاب المقدّس وقد طبقتها الكنيسة الأولى في عهد رُسُل المسيح وهي كالآتي:
1ـ سولو كريستو، أي: يسوع المسيح هو المخلِّص فقط.
2ـ سولا فيدي، أي: الإيمان وحده هو الخلاص فقط.
3ـ سولا سكريبتورا، أي: الكتاب المقدّس هو المصدر لتعاليم الله فقط.
4ـ سولا جراتيا، أي: نعمة الله هي المؤهِّلة للخلاص فقط.
5ـ سولي ديو جلوريا، أي: مجد الله الكلّ في الكلّ فقط[3].
مذاهب الطائفة البروتستانتية:
تتألف الطائفة البروتستانتية من سبعة مذاهب رئيسة وهي:
1ـ اللوثرية: يبلغ عددهم (70) مليون نسمة، تشكل اللوثرية الديانة الغالبة في كلّ من ألمانيا والدول الإسكندنافية.
2ـ الكالفينية: وهي كنائس تتبنى لاهوت المصلح الفرنسي (جان كالفن) ويعتنقها ما يقارب (75) مليون نسمة، ولها حضور تاريخي وثقافي في سويسرا، واسكتلندا، فضلاً عن الولايات المتحدة، كما أنّ لها حضوراً في إندونيسيا، وكوريا الجنوبية.
3ـ المعمدانية: يبلغ عدد أتباعها ما يقارب (100) مليون نسمة، ولهم حضور في أمريكا الشمالية، وأفريقيا، وآسيا.
4ـ الميثودية: يصل عدد المنتمين لهذا المذهب إلى (70) مليون نسمة، وجودهم يتمركز في أمريكا الشمالية، وأفريقيا، وآسيا.
5ـ الأدفنتست: يقدّر عددهم بـ (17) مليون نسمة، يتوزعون بشكل رئيسي في الولايات المتحدة، وأفريقيا، ودول أمريكا الجنوبية.
6ـ الخمسينية: يصل عددهم إلى (280) مليون نسمة، وهم موجودون في أنحاء العالم كافة.
7ـ الانجليكانية: يبلغ عددهم (85) مليون نسمة، وهو المذهب الغالب في الولايات المتحدة وتشكل المذهب الرئيس لجزء كبير من سكان دول مختلفة منها: كندا، وأستراليا، ونيوزيلاندا، وجنوب أفريقيا[4].
المصدر: مجلة اليقين العدد (57)