عقيدتنا في حب أهل البيت (عليه السلام)

قال الله تعالى: (قُل لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلْيِه أَجْراً إلاَّ الْمَوَدَّةَ في الْقُربى)[1].

يا أهل بيت رسول الله حبُّكـمُ    فرضٌ من الله في القرآن أنزلَهُ

كفاكمُ من عظيم الفضل أنكـمُ من لم يصلِّ عليكم لا صلاة لَهُ

كما تعتقد الشيعة الإمامة بوجوب التمسُّك بآل البيت(عليهم السلام)، وطاعتهم وموالاتهم، كذلك تعتقد بوجوب حبّهم ومودّتهم على كل مسلم؛ خصوصاً أن القرآن الكريم استعمل لغة الحصر؛ لأنه تعالى في هذه الآية المذكورة حصر المسؤول عليه الناس في المودة في القربى.

وقد تواتر عن النبي(صلى الله عليه وآله): «أنّ حبَّهم علامة الإيمان، وأنّ بغضَهم علامة النفاق»[2] و«أن من أحبّهم أحب الله ورسوله، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله»[3].

بل حبّهم فرضٌ، ومن ضروريات الدين الإِسلامي باتفاق جميع المسلمين على اختلاف نِحلِهم وآرائهم، عدا فئة قليلة اُعتبروا من أعداء آل محمد(صلى الله عليه وآله)، فنُبزوا باسم (النواصب)، أي مَن نصبوا العداوة لآل بيت محمد(صلى الله عليه وآله)، وبهذا يُعدُّون من المنكرين لضرورة إسلامية ثابتة بالقطع، والمنكر للضرورة الإسلامية ـ كوجوب الصلاة والزكاة ـ يُعدّ في حكم المنكر لأصل الرسالة، بل هو على التحقيق منكر للرسالة، وإن أقرَّ في ظاهر الحال بالشهادتين.

ولأجل هذا كان بغض آل محمد من علامات النفاق، وحبّهم من علامات الإيمان، روي عن عبد الله بن عمر أنه قال يوماً: (والله ما كنّا نعرف المنافقين في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلّا ببغضهم علي بن أبي طالب(عليه السلام)[4].

ولأجله أيضاً كان بغضهم بغضاً لله ولرسوله، ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): «محبُّك محبّي، ومبغضُك مبغضي، ومبغضي مبغضُ الله»[5]، ليس ذلك إلّا لأنّهم أهل للحبّ والولاء، لقربهم إليه سبحانه، وطهارتهم من كل ما يبعد عن دار كرامته.

ولا يمكن أن نتصوَّر أنّه تعالى يفرض حبّ من يرتكب المعاصي، أو لا يطيعه حقّ طاعته؛ فإنّه ليس له قرابة مع أحد أو صداقة، وليس عنده الناس بالنسبة إليه إلاّ عبيداً مخلوقين على حد سواء، وإنّما أكرمهم عنده تعالى أتقاهم.

فمن أوجب حبه على الناس كلهم لا بدَّ أن يكون أتقاهم وأفضلهم جميعاً، وإلاّ كان غيره أولى بذلك الحب.

وهذا الحبّ لهم (عليهم السلام) يتمثل في حركة المؤمن في رحاب أهل البيت (عليهم السلام) من قبيل:

1-  دراسة حياتهم (عليهم السلام)، والتعرف على تاريخهم، وأفكارهم، بشيء من التفصيل.

2-  اتخاذهم (عليهم السلام) قدوة للمؤمنين، ورموزاً لكلّ الفضيلة، لأنهم أئمة الهدى، يجب الاقتداء والتأسّي بهم، وبالتالي اتباعهم في الدين، وامتثال أوامرهم ونواهيهم، وتقمص سلوكهم الفاضل.

3-  التزوّد من علومهم وفكرهم وفلسفتهم في الحياة، لأنه فكر الإسلام الصافي، كما روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه»[6].

4- تخليد ذكراهم، بنشر فضائلهم وعلومهم، وتجديد الذكرى في مواليدهم، وإقامة المآتم في أيام وفياتهم، لاستذكار سيرتهم العطرة، وأداء حق مودتهم «قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى»[7].

مجلة ولاء الشباب العدد (31)

 


[1] الشورى: ٢٣.

[2] المحاسن: 176.

[3] أمالي الصدوق: ٣٨٤.

[4] قرب الإسناد: 14.

[5] عيون الأخبار: 223.

[6] كنز العمال: ج11، ص614.

[7] سورة الشورى: 23.