تطهير ما يعسر نقله

التقى أحد خدمة أمير المؤمنين (عليه السلام) بطالب علم أثناء أداء زيارته، فسأله معتذراً منه على المقاطعة، قائلاً: نحن خدمة الأضرحة المقدسة نعاني من مسألة النجاسة في أرض وأفرشة الحرم المطهر، وأودّ أن أعرف كيفية إزالة النجاسات وتطهيرها، فلكثرة الزائرين والمرتادين من الصغار والكبار تتنجس الأرضيات والفرش والسجاد وغيرها ببول رضيع هنا، أو تساقط دم من جرح أو قرح أو من رعاف أنف هناك، أو ربما مما يلتصق من النجاسات بقدم زائر أو بملابسه من خارج الأضرحة المقدسة قبل دخوله لها، فتصيب هذه النجاسات ربما الأماكن الصعبة المنال من التطهير كالأركان والزوايا التي يصعب الوصول إليها، أو تصيب من الأثاث مما ليس بالإمكان نقله إلى أماكن المياه كالصنابير والأحواض لتطهيرها لصعوبة ذلك، كالأرض والسجاد والكاربت والفرش فكيف نطهرها يا ترى؟

أجاب طالب العلم: يا أخي لكل حالة طريقة تطهير مختصة بها.

فقال خادم الضريح المشرف: كالسجاد والأرض والجدران و....

فقال طالب العلم: مهلا، مهلا، على رسلك كما قلت، لكل حالة طريقة تطهير مختصة بها، فما الشيء الذي تريد تطهيره؟

فقال الخادم: كيف اطهّر الفراش أو السجاد المتنجس؟

قال طالب العلم: هل للنجاسة المرجو تطهيرها جرم أم لا؟

فقال الخادم: ما تقصد بذلك؟

قال الطالب: أقصد أن من النجاسات ماله جرم أي تخلّف أثراً على الفراش أو السجاد، ومنها ما لا تخلّف أثراً على الفراش أو السجاد.

فقال الخادم: أجبني على كلا التقديرين لو سمحتم.

قال طالب العلم: يمكن تطهير الفراش أو السجاد أو أمثالهما، إذا تنجست بشتى أنواع النجاسات التي ليس لها جرم وذلك بصبّ الماء القليل عليها من إبريق أو كأس أو نحوهما مرة واحدة، حتى إذا استولى الماء الطاهر على المكان المتنجس، سحب الماء فأخرج بالعصر أو بالضغط أو بالماكنة الكهربائية أو بالدلك أو بقطعة قماش أو بغير ذلك، فيطهر الفراش أو السجاد وأشباههما.

فقال الخادم: وما حكم الماء المسحوب من الفرش أو السجاد؟

قال الطالب: يحكم بالنجاسة على الأحوط وجوباً. واما إذا أريد تطهير ما ذكر بماء الحنفية المتصل بالكرّ فلا حاجة الى سحب الماء أو اخراجه بالعصر أو بالضغط أو بالماكنة الكهربائية وأمثال ذلك، بل يطهر بمجرد استيلاء ماء الكرّ عليها.

فقال الخادم: وكيفية تطهير الفرش او السجاد الذي أصابته نجاسة ذات جرم حسب تعبيرك؟

قال الطالب: النجاسة التي لها جرم ـ تخلّف أثراً عليها كالدم والمني ـ تطهّر حسب الطريقة السابقة المتقدمة، بشرط زوال جرم النجاسة، إما بنفس الغسل وإما بسبب آخر قبله، وتختلف عن السابقة في أنه إذا غسل بالماء القليل فإنّ ماء الغسلة التي تزيل عين النجاسة نجس، حسب الفتوى لا الاحتياط الوجوبي.

فقال الخادم: وكيف يمكن تطهير الأرض والفراش أو الكاربت أو السجاد وأمثالها المتنجسة ببول الرضيع أو الرضيعة؟

قال الطالب: هل الرضيع والرضيعة ممن لم يتغذَّ بغير الحليب إلا نادراً، أم هو ممن يتغذّ بالطعام دائماً؟ فلكلّ حالة حكمها الخاص.

فقال الخادم: على كلا التقديرين رجاء؟

قال الطالب: أما الحالة الأولى فتطهُر بمجرّد صبّ الماء عليها مرة واحدة، بمقدار ما يحيط بمكان البول، من دون حاجة إلى إخراج الماء بعصر أو ضغط أو سحب وأمثال ذلك.

واما الحالة الثانية تطهر بصبّ الماء القليل عليها من إبريق أو كأس أو نحوهما، حتى إذا استولى الماء على المكان المتنجّس أخرج الماء بعصر أو سحب ونحوه، ثم تعاد العملية مرة ثانية فيطهر.

ويحكم على الماء المسحوب بالمرتين السابقتين بالنجاسة على الأحوط وجوباً إذا لم يكن فيها عين البول، فإن كان فيها فماء الغسلة الأولى نجس حسب الفتوى.

فقال الخادم: وفقك الله وإيانا لمرضاته.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (46)