نوف بن فضالة البكالي الحميري أبو يزيد أو أبو رشيد تابعي، صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن خواصه، وله معه كلام معروف يخاطبه به، توفي بعد التسعين.
ونوف بفتح النون وسكون الواو هو ابن فضالة الحميري من علماء التابعين، ويظهر من الروايات، أنه كان له اختصاص بأمير المؤمنين (عليه السلام). قال الجوهري: نوف البكالي كان حاجبَ عليٍّ (عليه السلام).
روى نوف البكالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الخطب والمواعظ والدعاء، ونكتفي بما روى نوف (رضي الله عنه) منهجا اخلاقياً في تهذيب النفس، ودعاء في تهذيب النفس ينفع لمن رام سلوك طريق الأخيار المتخلّقين بمحاسن الأخلاق المؤدية الى مراضي الله سبحانه، وهو دال على عظمة هذا التابعي المخلص، ودال على ثبات قدمه على دين الله وعلى ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام)، ودال أيضاً على كونه من الخواص الذي اختصهم أمير المؤمنين(عليه السلام) بالكثير من تلك المواعظ والحكم.
عن نوف البكالي: رَأَيتُ أميرَ المُؤمِنينَ(عليه السلام) مُوَلِّيا مُبادِراً، فَقُلتُ: أينَ تُريدُ يا مَولايَ؟ فَقالَ: دَعني يا نَوفُ، إنَّ آمالي تُقَدِّمُني فِي المَحبوبِ. فَقُلتُ: يا مَولايَ وما آمالُكَ؟ قالَ: قَد عَلِمَهَا المَأمولُ، وَاستَغنَيتُ عَن تَبيينِها لِغَيرِهِ، وكَفى بِالعَبدِ أدَبا ألا يُشرِكَ في نِعَمِهِ وإرَبِهِ غَيرَ رَبِّهِ. فَقُلتُ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنّي خائِفٌ عَلى نَفسي مِنَ الشَّرَهِ، وَالتَّطَلُّعِ إلى طَمَعٍ مِن أطماعِ الدُّنيا. فَقالَ لي: وأينَ أنتَ عَن عِصمَةِ الخائِفينَ وكَهفِ العارِفينَ؟ فَقُلتُ: دُلَّني عَلَيهِ. قالَ: اللهُ العَلِيُّ العَظيمُ؛ تَصِلُ أمَلَكَ بِحُسنِ تَفَضُّلِهِ، وتُقبِلُ عَلَيهِ بِهَمِّكَ، وأَعرِض عَنِ النّازِلَةِ في قَلبِكَ، فَإِن أجَّلَكَ بِها فَأَنَا الضّامِنُ مِن مَوردِها، وَانقَطِع إلَى اللهِ سُبحانَهُ، فَإِنَّهُ يَقولُ: وعِزَّتي وجَلالي لَأُقَطِّعَنَّ أمَلَ كُلِّ مَن يُؤَمِّلُ غَيري بِاليَأسِ، ولَأَكسُوَنَّهُ ثَوبَ المَذَلَّةِ فِي النّاسِ، ولَأُبَعِّدَنَّهُ مِن قُربي، ولَأُقَطِّعَنَّهُ عَن وَصلي، ولَأُخمِلَنَّ ذِكرَهُ حينَ يَرعى غَيري.
ثم قال(عليه السلام): يا نوف ادع بهذا الدعاء: «إلهي إن حَمِدتُكَ فَبِمَواهِبِكَ، وإن مَجَّدتُكَ فَبِمُرادِكَ، وإن قَدَّستُكَ فَبِقُوَّتِكَ، وإن هَلَّلتُكَ فَبِقُدرَتِكَ، وإن نَظَرتُ فَإِلى رَحمَتِكَ، وإن عَضَضتُ فَعَلى نِعمَتِكَ. إلهي إنَّهُ مَن لَم يَشغَلهُ الوُلوعُ بِذِكرِكَ، ولَم يَزْوِهِ السَّفَرُ بِقُربِكَ، كانَت حَياتُهُ عَلَيهِ ميتَةً، وميتَتُهُ عَلَيهِ حَسرَةً»[1].
فالسلام على تلك الروح الطاهرة، يوم ولدت، ويوم ارتحلت إلى بارئها، ويوم تبعث حياً.
المصدر: مجلة اليقين العدد (66)، الصفحة (11).