قلت لصاحبي: لا يمر يوم إلا وأتحسّر على ما فاتني لعدم اغتنام الفرصة في تملك بيت خاص بي، أنا لا أملك بيتاً لأستقرّ فيه كبقية أقراني وأصبرها بالأسباب المادية تارة وبالغيبية أخرى.
فقال لي صاحبي: سأقايضك بقطعة أرض أملكها على ثمن معقول، قسّطه لي على دفعات بعد استقرارك فيها!!
فقلت: لا أملك مالاً لبنائها.
فقال صاحبي: ولو ببناء بسيط.
قلت: ليس عندي مال حتى للبناء البسيط الذي ذكرت.
فقال: خذ قرضاً من أحد البنوك بضمان الأرض.
فقلت: مهلا، أو يكون ذلك؟
فقال: بلى، بمجرد أن تأخذ سند الأرض وعلى ضوئه وبإجراءات روتينية أخرى يعطوك قرضا للبناء.
فقلت: أليس على المال المعطى فائدة؟
قال: بلى.
فقلت: ألا يعتبر المال المعطى بفائدة ربا محرم؟
قال: لا يا أخي، سوف أشرح لك طريقة القرض من البنوك الأهلية أو الحكومية!
فقلت: وما معنى أن تكون البنوك أهلية أو حكومية؟
فقال: البنوك الأهلية: هي كون رأس مال البنك من شخص أو أشخاص متعددين لا علاقة لهم بالدولة.
فقلت: وهل يجوز الاقتراض منها؟
قال صاحبي: لا يجوز الاقتراض منها بشرط دفع الزيادة، لأنه ربا محرم كما تعلم، ولو اقترض شخص صح القرض وبطل الشرط، ويحرم أيضاً دفع الزيادة وأخذها وفاء للشرط.
فقلت: وكيف أتخلص من الربا؟
قال: هناك عدّة طرق.
فقلت: وماهي؟
قال: أولا: أن تشتري من صاحب البنك أو من يمثّله بضاعة بأكثر من قيمتها الواقعية بشرط أن يقرضك مبلغا معينا من النقد لمدة معلومة تتفقان عليها.
ثانيا: أن يبيعك البنك مبلغاً من المال لمدة معينة، ويجعل الثمن مؤجلا بعملة أخرى تزيد قيمتها على المبلغ المباع بموجب أسعار صرف العملات، ليكون الوفاء بغير جنس العملة المباعة.
فقلت: وإن لم يكن هذا وذاك؟
قال: يبيعك البنك بضاعة بمبلغ معين مؤجلاً ولمدة معينة طبعاً، ثم يشتريها البنك منك نقداً بأقل منها.
فقلت: وهل يجوز ذلك؟
قال: يجوز بعدم الشرط، أما أذا اشترط البنك عليك بشرائها بأقل منها لم يجز.
ولكن هذه الطرق لا تحقق للبنك أن يطالبك بالزيادة لو تأخّرت عن أداء الدين بعد انتهاء المدة المزمعة بينك وبينه، فأخذ الزيادة بإزاء التأخير عن المدّة المحددة فهو من الربا المحرم.
فقلت: جيد جداً، والآن ما معنى البنوك الحكومية التي تقدّم ذكرها؟
قال: هي البنوك التي يكون رأس مالها من الدولة.
قلت: فهل يجوز الاقتراض منها بشرط الزيادة؟
قال: لا يجوز ذلك أيضاً لأنه ربا.
فقلت: وإن اقترضت بتلك الطريقة؟
قال: يكون القرض والشرط باطلان؛ لأن البنك لا يملك المال حتى يُملّكك إياه.
فقلت: وهل هناك طريقة للتخلص من هذا، كما في القرض من البنوك الأهلية؟
قال: نعم، وهو أن تقبض المال من البنك تحت عنوان مجهول المالك لا بقصد القرض، والأحوط أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي، وقد أذن بذلك.
فقلت: والزيادة على المال المقترض كيف تعالج؟
قال: لا تضرّك معرفة أن البنك سوف يستوفي منك مال القرض والزيادة، فلو طالبك جاز لك الدفع لعدم الإمكانية في التخلّف عنه.
فقلت: شكراً لله ولك على قطعة الأرض والتوضيح المستفيض على ما تقدّم.
فقال: عفوا، ولكنه ليس توضيحاً مستفيضاً لعدم ذكري للمصارف المشتركة بين الأهلية والحكومية من جانب والإيداعات فيها وغيرها والفوائد المعطاة عليها من جانب آخر.
فقلت: إذن انتظر منك عقد جلسة أُخرى لنكمل ما بدأناه.
قال: بإذن الله ومشيئته لك ذلك.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (58)