في مدرسة الأتقياء

عالمان كبيران المرحوم ملاّ عبد الله التستري والمرحوم المقدس الاردبيلي(المتوفى سنة 993 هـ) جمعهما مجلس كان يحضره جمع من الناس.

تقدم الملا عبد الله التستري بسؤالٍ إلى المقدّس الاردبيلي، فردّ عليه الاردبيلي قائلا: سوف أجيبك فيما بعد!

ولما انتهى المجلس أخذ بيد الملاّ التستري ومشى معه صوب الصحراء (أطراف القرية) فشرح له جواب سؤاله، فاقتنع به التستري بعد نقاش خفيف، ولكنه قال:

لماذا لم تجبني في المجلس بحضور الجمع؟

قال المقدّس الأردبيلي:

لو كنا نناقش الموضوع هناك لكنت أنا وأنت معرّضين لهوى النفس، لأن كلّ واحد منّا كان يريد الانتصار لرأيه، وكنت أخشى أن يغلب علينا العُجْب فيحاول كل منّا التفوّق لذاته.. فيتحكم فينا حينئذ الرياء وحبُ الظهور، ونكون بذلك أقرب إلى المعصية منّا إلى الطاعة والقربة إلى الله عزّ وجلّ.

وامّا في الصحراء حيث لا أحد معنا سوى الله تعالى فلا مجال للشيطان، ولا أرضية للرياء ووسوسة النفس. (كتاب حدائق الشيعة).

عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله)[1].

وعن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يعمل العمل وهو خائف مشفق ثم يعمل شيئاً من البر فيدخله شبه العجب به؟ فقال: (هو في حاله الأولى وهو خائف، أحسن حالاً منه في حال عجبه)[2].

 


[1] الكافي: ج2، ص293.

[2] الكافي: ج 2، ص314.