تختلف أساليب محاربة العقائد بحسب الهدف المرسوم من الطرف الآخر، فتارة تأخذ الجانب الخارجي للإنسان أقصد أساليب القمع بالقتل والتعذيب والسجن والنفي والتهجير وغيرها، وتارة تتجه نحو الجانب الداخلي للإنسان، من الفكر والعواطف والميول والاتجاهات، وهذا الجانب هو الذي يتم عليه العمل الآن، بقصد تشويه وتسفيه الجانب العقائدي بعد العجز عن إلغائها وقتلها في نفوس الناس.
ومن العقائد المستهدفة بهذه الطريقة عقيدة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) عند الشيعة، ومن مظاهر العمل على تشويه هذه العقيدة ادعاء النيابة أو السفارة للإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) كونها إحدى الخصوصيات المهمة لهذه العقيدة.
ولابد من بيان بطلان هذه الدعاوى التي تكاد تشترك في عدة أمور باطلة:
أولاً: عدم إعلان وإظهار النصوص التي تتحدث عن الموازين الصحيحة لعقيدة الظهور، وإهمال البحث فيها، أما إجابة أتباعهم فتكون بأنصاف أو أرباع الإجابات لإضفاء الغموض عليها، وتكون الإجابات عن صاحب الدعوى ضمن إطار التقديس وعدم تجاوز الخط الأحمر، أو يسير الأمر إلى تسفيه السؤال مهما كان معقولاً، بحيث يترك السائل التفكير في هذا السؤال.
كذلك هم يجيدون التلاعب بالنصوص من أجل إقامة براهين على صحة دعواهم بدون أي ضوابط لعلم الدلالة أو للظهور من النصوص ومعالجتها العلمية حسب قواعد اللغة العربية.
ثانياً: تقديم شخصية الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) لإتباعهم شخصية دموية وليس صاحب فكرة إصلاح الإنسان، وتحويل مفهوم قتال الإمام أعداء الدين والتشيع إلى كونه قاتلا للعلماء والمتسمين بالدين والخير، وهذا تحريف واضح لحكمة ووظيفة الإمام في التصدي لأهل الضلال وأرباب الظلم، كل ذلك برامج موجهة لغرض قتل علماء الشيعة كوظيفة استثنائية من قِبل الممولين (أعداء آل محمد).
ثالثاً: يكون المدّعي في هذه الدعاوى هو مصدر العلم بدعواه فقط ولا دليل آخر عليه، معتمداً في ذلك على الرؤيا أو الكشف، وهو يعلم أن هذا الطريق ليس بحجة فيلجأ إلى الحيلة وطرق مبتنية على الخداع، فمثلاً: جماعة من المصدّقين ببعض الأدعياء صدقوه لأنه أخبرهم بأن الإمام سيبعث لهم بركة، فجاءهم عدة مرات من يطرق الباب على نسائهم ويعطيهنّ طحينا أو كبشا ويقول لهنّ: هذا من بركة الإمام (عجل الله فرجه الشريف) فيثبت عندهم المطلوب، وهو كما ترى من الدجل المضحك.
رابعاً: إهمال الفروض الشرعية الثابتة بالآيات والروايات، بدعوى أن الغرض من التكاليف هو الوصول إلى الحقيقة، وإن من وصل الحقيقة لا يضر معه ترك التكاليف.
خامساً: الاعتماد في الدفاع عن دعواهم على التهديدات بالقتل والتصفية والتخويف بالعنف لكل مخالف لهم، خصوصاً من يبحث عن كذب دعواهم، فكل من يطالبهم بالدليل أو يناقشهم نقاشاً محرجاً يقولون عنه انه عدو الإمام (عليه السلام)، ويجب قتله بتهمة محاربة الإمام (عجل الله فرجه الشريف).
سادساً: مداراة أعداء أهل البيت (عليهم السلام) والدفاع عنهم، وهذا ظاهر لكل من تابع طريقة تعاملهم مع الآخرين، مدعين بأن الإمام (عجل الله فرجه الشريف) لا يؤيد تمزق المسلمين بسبب الطائفية، في الوقت الذي لا تسمح فيه هذه الفكرة بأي مجال للتسامح مع رجال الدين الشيعة وعلمائهم، وهنا يتبين أين تسير هذه الحركات ومع من هي؟ ومن يمولها؟ ويزودها بالأفكار، حيث يبيحون لدعوتهم العدوانية للعلماء بادعاء أن مهمة الإمام هي قتل علماء الشيعة وقياداتهم المتدينة بمذهب أهل البيت (عليهم السلام).
سابعاً: هم يتخذون مبدأ السرية والغموض مع انهم يدعون الظهور أو تحقق مقدماته ومقوماته، وهذا يناقض أهم معيار وهو إذا حصل الظهور فلا يقوم بوجه الإمام (عليه السلام) شيء ولا سرية في دعوته عند ذاك.
ثامناً: تقمص الشخصية الدينية بأعلى المستويات، وادعاء المرجعية المطلقة، والاستناد إلى فكرة العلم اللدنّي في تقرير العلمية وإصدار الفتاوى والتصدي لقيادة المجتمع باسم المرجعية الجديدة، وهي دعوى لتأسيس دين جديد وربما يطلقون عليه عبارة تصحيح الدين، عن طريق إبراز أحكام جديدة غريبة تحمل في مضامينها نسخ الشريعة الإسلامية وقلبها بخلاف الفطرة والدين الصحيح.
المصدر: مجلة اليقين العدد (49)