جاء في كتاب (بعض فضائح الروافض): ... يقولون، (أي: الروافض): إن عمر ضرب على بطن فاطمة، وقتل جنيناً في بطنها كان الرسول (صلى الله عليه وآله) سماه مُحسنا...
فجوابه (أي: من قبل صاحب الكتاب المذكور): ... إن هذا الخبر صحيح، وقد نقله الشيعة وأهل السنة في كتبهم، ولكن قد روي عن المصطفى (صلى الله عليه وآله) قوله: (إنما الأعمال بالنيات)، فإن كان قصد عمر هو أخذ علي للبيعة، ولم يقصد إسقاط الجنين، ولعل عمر لم يكن يعلم أن فاطمة كانت خلف الباب، فيكون قتله للجنين خطأ لا عن عمد.
وحتى لو كان قد قتله عمدا، فإنه لم يكن معصوما، والله هو الذي يحكم فيه، وليس لنا نحن ذلك، ولا يمكن أن يقال، أكثر من ذلك هنا. والله أعلم بأعمال عباده وبضمائرهم، وسرائرهم.
وقال (نفس الكاتب): يقولون: إن عمر وعثمان منعا فاطمة الزهراء من البكاء على أبيها...[1].
ويقول في موضع آخر: إن عمر مزق صحيفة فاطمة حول فدك، وضربها على بطنها، ثم منعوها من البكاء على أبيها[2].
وقد ذكر الشيخ القزويني (قدس سره) في الرد على صاحب هذا الكتاب ما لفظه: إن الاعتذار المذكور عن قتل المحسن غريب وعجيب، أمام هذا السيل الهائل من الروايات المصرحة بمعرفته بوجودها (عليها السلام) خلف الباب، حتى لقد جاء في بعضها أنه قد ضرب أصابعها حين أمسكت الباب لتمنعهم من فتحه، وأخبرته أنها حاسرة حتى لا يدخل عليها بيتها.
ثم هو قد رفسها، ولطمها، وضربها هو وقنفذ وغيرهما.
فما ندري! كيف يمكن اعتبار قتل المحسن خطأ، إلا أن يكون للخطأ مفهوم ومعنى آخر، لا يدركه غير كاتب تلك الكلمات، ومنشئها.
ومهما يكن من أمر، فإننا إنما نقلنا عنه هذه الفقرات، لدلالتها بوضوح على أن ضربها، وإهانتها، وكسر الباب، والدخول عليها في بيتها عنوة، وإسقاط جنينها كان أمراً مسلماً، يحتج به فريق، ويتمحل له المبررات والتوجيهات - مهما كانت تافهة وباردة - فريق آخر.
ونحن لو أردنا أن نعتمد هذا النوع من التبريرات، فلن نعثر بعد هذا على وجه الأرض على مجرم يُدان بجريمته، ويستحق العقوبة.
ولربما تمكن البعض من إيجاد العذر لإبليس، الذي حاول الغزالي التخفيف عنه، وصرف الناس عن لعنه، حين قال: ولا بأس بالسكوت عن لعنه[3].
نعم، لقد قال ذلك، وهو يحاول تبرئة يزيد الخمور والفجور من جريمة قتل الحسين (عليه السلام). فاقرأ، واعجب، فما عشت أراك الدهر عجباً.