قصة لقمان الحكيم

أكرم الله تعالى عباده المؤمنين فحباهم من الطافه وأكرمهم بعطاياه، وخير ما أعطاه الله لهم هو العلم والحكمة، فكل خير سوى ذلك إلى زوال وهذا ما يشير إليه في قوله تعالى في كتابه العزيز: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)[1]. ومن هؤلاء الذين حباهم الله تعالى بالحكمة هو لقمان الحكيم وقد حباه الله تعالى بتخليد اسمه في سورة مستقلة من القرآن الكريم، فما أحرانا أن نقتبس من أنوار حكمه ووصاياه (عليه السلام). 

وقد ورد اسم «لقمان» في آيتين من القرآن في سورة لقمان. قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنْ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[2].

 ولا يوجد في القرآن دليل صريح على أنَّه كان نبيًّا أم لا، كما أنَّ أسلوب القرآن في شأن لقمان يُوحي بأنَّه لم يكن نبيًّا، لأنَّه يُلاحظ في القرآن أنَّ الكلام في شأن الأنبياء عادةً يدور حول الرِّسالة والدَّعوة إلى التَّوحيد ومحاربة الشرك وانحرافات البيئة، وعدم المطالبة بالأجر والمكافئة، وكذلك بشارة الأمم وإنذارها في حين أنَّ أيًّا من هذه الأمور لم يذكر في شأن لقمان، والَّذي ورد هو مجموعة مواعظ خاصَّة مع ولده -رغم شموليَّتها وعموميَّتها ـ وهذا دليل على أنَّه كان رجلاً حكيمًا وحسب.

وفي حديث عن الرَّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (حقًّا أقول: لم يكن لقمان نبيًّا، ولكن كان عبدًا كثير التَّفكُّر، حسن اليقين، أحبَّ الله فأحبَّه ومنَّ عليه بالحكمة)[3].

وجاء في بعض التَّواريخ: أنَّ لقمان كان عبدًا أسود من سودان مصر، ولكنَّه إلى جانب وجهه الأسود كان له قلبٌ مضيء وروحٌ صافية، وكان يصدق في القول من البداية، ولا يمزج الأمانة بالخيانة، ولم يكن يتدخَّل في ما لا يعنيه[4].

 


[1] سورة البقرة: آية 269.

[2] سورة لقمان: آية 12-13.

[3] ميزان الحكمة محمد الريشهري: ج4، ص3124.

[4] الأمثل مكارم الشيرازي: ج13، ص40.