زهير بن القين

اسمه ونسبه: زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي، من كبار شيوخ قبيلة بجيلة في الكوفة،

 سيرته: كان زهير شريفاً في قومه، نازلاً بالكوفة شجاعاً، له في المغازي مواقف مشهورة، ومواطن مشهودة، وكان في أول الأمر عثمانياً، أي أنه يميل إلى عثمان، ويدافع عن مظلوميته.

وكان قد حج في السنة التي خرج فيها الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق، فلما رجع من الحج جمعه الطريق مع الإمام الحسين (عليه السلام)، فأرسل إليه الإمام الحسين (عليه السلام) وكَلَّمَهُ، فانتقل وصار علوياً وفاز بالشهادة.

 قبل واقعة عاشوراء:

ورد عن بعض من كان مع زهير في سنة 61 هـ: كنا مع زهير بن القين عند رجوعه من الحج في السنة التي أقبل فيها الحسين (عليه السلام) إلى العراق فكنا نساير الحسين (عليه السلام)، فلم يك شيء أبغض على زهير من أن ينزل مع الحسين (عليه السلام) في مكان واحد أو يسايره في طريق واحد؛ لأنه كان عثمانياً.

ولما نزل الحسين (عليه السلام) في زرود نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي، فبعث إليه الإمام الحسين (عليه السلام) رسولاً فأقبل رسول الحسين (عليه السلام)، فقال: يا زهير، إنّ الحسين (عليه السلام) يدعوك، فكره زهير الذهاب إلى الحسين (عليه السلام)، فقالت له زوجته دلهم بنت عمرو: يا سبحان الله أيبعث اليك الحسين بن فاطمة ثمّ لا تأتيه، ما ضرك لو أتيته فسمعت كلامه ورجعت، فذهب زهير على كره، فما لبث أن عاد مستبشراً ضاحكاً وقد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه فقلع، وضم فسطاطه بركب الإمام الحسين (عليه السلام)، ثم ودّع زوجته، وفي رواية قال لها: أنت طالق، فتقدمي مع أخيك حتى تصلي إلى منزلك، فإني قد وطنت نفسي على الموت مع الحسين (عليه السلام)، وقال لمن كان معه من أصحابه: من أحبّ منكم أن يتبعني، وإلاّ فانّه آخر العهد، ثم قال: إنّي سأحدّثَكم حديثاً: غزونا بلَنْجَر، ففتح اللّه علينا، وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان الفارسي- أو سلمان الباهلي كما في بعض النسخ- أفرحتم بما فتح اللّه عليكم، وأصبتم من الغنائم؟! فقلنا: نعم، فقال لنا: إذا أدركتم شباب آل محمد، فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم من الغنائم، فأمّا أنا فإنّي أستودعكم الله[1].

وروي أبو مخنف الأزدي عن حميد بن مسلم قال: حمل شمر حتى طعن فسطاط الحسين (عليه السلام) برمحه وقال: عليّ بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، فصاح الحسين (عليه السلام) يابن ذي الجوشن، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي، أحرقك الله بالنار، وحمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه، فشدّ على شمر وأصحابه، فكشفهم عن البيوت حتى ارتفعوا عنها، وقتل زهير أبا عزّة الضبابي من أصحاب شمر وذوي قرباه)[2].

الدفاع عن المصلين ظهر عاشوراء:

عندما حانت صلاة الظهر يوم عاشوراء أمر الحسين (عليه السلام) زهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه، ثم صلّى بهم صلاة الخوف.

استشهاد زهير:

لما فرغ الإمام الحسين (عليه السلام) من الصلاة، تقدّم زهير فجعل يقاتل قتالاً لم يُر مثله، ولم يُسمع بشبهه، وأخذ يحمل على القوم، وهو يرتجز ويقول:

أنا زهير وأنا ابــن القيـــــن         أذودكم بالسيف عن حسين

ثم رجع فوقف أمام الحسين(عليه السلام) وقال له:

فدتك نفسي هـــــــادياً مهـــدياً        اليـــوم ألقــى جــــــدّك النبــيا

وحســــناً والـمرتضـــــى عـلياً        وذا الجناحـــين الشهيـد الحيـا

فكأنه ودعه، وعاد يقاتل، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه.

الإمام الحسين (عليه السلام) يؤبن زهير بن القين: لمّا صُرع زهير بن القين، وقف عليه الإمام الحسين (عليه السلام) فقال: لا يبعدنك الله - يا زهير - ولعن قاتلك لَعْنَ الذين مُسخوا قردة وخنازير[3].

مجلة بيوت المتقين العدد (59)

 


[1] الإرشاد للشيخ المفيد: ج2، ص73.

[2] مقتل الحسين: ص141.

[3] بحار الأنوار للمجلسي: ج45، ص26.