إنَّ التشرف بقراءة الأحاديث التي رويت لنا عن أهل البيت (عليهم السلام) يعرفنا أنهم (عليهم السلام) يعبرون عن هذه السورة بسورة (هل أتى).
وبما أن تسميات السور القرآنية ليست مزاجية، وإنما لها دلالات وإيحاءات تتجاوز موضوع التمييز بين سورة وأخرى، فإن تسمية هذه السورة ب «هل أتى» تبقى مثيرة للانتباه، حيث جاءت على شكل استفهام، ينقطع عن متابعة بيان ما وقع في مورد السؤال، كما أظهرته التسمية لسورة أخرى بسورة «براءة»، أو تسمية سورة «الأحزاب» بـ «الفاضحة»، حيث يظهر من هذا: أن الهدف هو التركيز على معانٍ ومفاهيم بعينها تستبطنها التسميات، وتشكل حافزاً للسامع أو القارئ يدفعه إلى نيل هدف بعينه، وإدراك غاية بخصوصها. وذلك بطريقة تشير للقارئ بضرورة متابعة الكلام، ليتمكن من فهم معنى تام ومقبول.
وتزيد تسمية هذه السورة ب «هل أتى» على غيرها: أنها جاءت على شكل سؤال يجر وراءه سلسلة من الأسئلة، حيث تبقى كلمة «هل أتى» تلحّ عليه بمعرفة ذلك الذي يُسأل عن إتيانه: ما هو؟! وما حقيقته؟! ولماذا يُسأل عنه؟! ومن المخاطَب؟! وهل المخاطب هو نفس المسؤول؟! ومن المجيب؟!
وفي الإنسان فضول، خصوصاً في مثل هذه الحالات، حيث يلتقي فضوله فيها مع حب المعرفة والعلم، ومع حب اكتشاف المجهول.
فهي إذن تسمية.. أريد لها أن تعطي الحافز للمعرفة، وتدفع كل سامع أو قارئ للمتابعة.. فيتحرك لمواصلة التحري، برغبة وجهوزية تامة، الأمر الذي يؤهله لأن يلاحظ خصوصيات وتفاصيل، لم يكن ليلتفت إليها لو ترك على حالةٍ من الاسترخاء والركود، بل إن السؤال نفسه سوف يحرجه ويثيره، ويجعله أمام مسؤولية البحث عن الإجابة.
أما تسمية هذه السورة بسورة «الدهر» و«الإنسان»، فهي قاصرة عن إفادة ذلك كله، إذ إن السامع لن يجد في نفسه الحافز للبحث والتقصي، ولن يشعر أنَّه مسؤول عن شيء، بل سيكون قادراً على حسم خياره، فيقرر الإحجام أو الإقدام. ويكون إحجامه أو إقدامه مرتبطاً بحوافز ودواعٍ أخرى، ومنها عدم وجود الداعي للإقدام.
ولأجل هذا.. فنحن نرى أن علينا أن نلتزم بخصوص التسمية الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، ولا نتعداها.
أما لماذا أريد أن يكون لاسم هذه السورة هذا الإيحاء، فقد يكون هو التأكيد على الاهتمام الإلهي بتعريف الناس بحقائق إيمانية أساسية، ربما تكثر الصوارف لهم عن متابعة مسيرة التعرف عليها.. لارتباطها بأهل البيت (عليهم السلام) الذين سوف تكثر العداوات لهم من قبل أهل الدنيا.. وطلاب اللبانات.