لا ريبَ أن جُملةً من الروايات قد دَعَتْ وحثّتِ النساءَ على زِيارة الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعينَ وغيرهِ، فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) (يا زرارة ما في الأرض مؤمنة إلاّ وقد وجب عليها أن تسعد فاطمة عليها السلام في زيارة الحسين عليه السلام)[1]، وكذلك ما روته أم سعيد الأحمسية عن الإمام الصادق (عليه السلام): (يا أم سعيد تزورين قبر الحسين عليه السلام؟ قالت: قلت: نعم، قال: يا أم سعيد زوريه فإن زيارة الحسين واجبة على الرجال والنساء)[2]، فضلاً عن هاتيكم الروايات التي جاءت بلفظ العموم للرجال والنساء، فمنها: عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أَينَ زوّار الحُسين بنُ عليٍّ، فيقومُ عُنُقٌ من النَّاسِ لا يُحصيِهم الَّا اللهُ تَعَالى، فيقولُ لهَم: مَا أَردتُم بِزيارةِ قَبرِ الحُسينِ (عليه السلام)؟ فيقولونَ يَا ربِّ أتيناه حُبّاً لرسول الله، وحُبّاً لعلي وفاطمة، ورحمةً له مما ارتُكِبَ منه، فيقال لهم: هذا محمّدٌ وعليٌّ وفاطمةُ والحَسَنُ والحُسينُ فالحقِوا بِهم، فأنْتُم معهم في درجتهم الحقوا بلواءِ رسولِ اللهِ....)[3].
فهذهِ بعضٌ من الأَحاديث التي تكلّمت عن فضيلةِ ما لمن زارت الحُسين (عليه السلام)، وهي فَضائِل ليس بعدها فضائل، ولا كلّام لنا في ذلك لأنه أَبينُ من الشمس.
وإنما الكلّام كلّ الكلّام في بعض الشبهات التي تتراءى بعيون البعض عن مشاركة النساء في زيارة الأَربعين، وقد أَجابَ عنها الفقهاءُ (أيّدهم اللهُ) بأَجوبة لا يبقى معها شكٌّ أبداً، وإليكم تلكم الإشكالات مع أجوبتها:
1- قَطعُ المفازات والمسافات البعيدة من دون وجود مَحْرَمٍ معها: وهذا صحيحٌ لو لم تكن هناك حلولٌ شرعيةٌ لهذه الإشكالية، فمن تلك الحلول: هو تثقيف النساء على وجود المحرم معها، إضافةً إلى كون الضرورة من وجود المحرم هو الخوف على المرأة من مخاطر الطريق وغير ذلك، وهو منتفٍ مع خروج المرأة مع عصبة من النساء أو المواكب أو ما شابهها، حالها حال من تخرج للحج من دون محرم، أو أن الطريق حالياً مع وجود الحمايات وسواد الناس وكثرة المشاة لا يبقى شيء مما يخاف منه.
2- مُزاحمةُ الرِّجال مع النِّساء: وهو ممنوع بالاتفاق، لكن في مثل هكذا مشكلات ينبغي التجنب من لغة المنع، والعدول إلى لغة التثقيف بالحدِّ من تلك الإشكالات، وتوجيهُ الرِّجال والنِّساء من عدم التزاحم والاختلاط، خصوصاً عند شحة النقل والمواصلات أثناء الرجوع من الزيارة، وهذا ليس بجديد، إذ أنه يحدث كثيراً في أَعظم وأَكبر الممارسات الدينية كالحج، ولم نرَ منعاً منه.
3- تَعَارضُ خُروجِ المرأةِ للزيارةِ مع حُقوقِ الزَّوجِ والبَيت: وهو يُعالَجُ أيضاً بالتوجيه والإرشاد، لا بالمنع والإبعاد، وهذا الإشكال فيما نعتقد قليلٌ ما يقع، لأن غالبية النساء لا يخرجنَ إلا بعد الإذن والتنسيق مع الزوج وأفراد العائلة، ونحن لا نرى بعد حثِّ المعصومين (عليهم السلام) على الزيارة بتلك الفضيلة والثواب إلا التعاون على خدمة الزوّار بالتوجيه الشرعي، والأخذ بأيديهم نحو طريق الصلاح والإصلاح، وهي فرصة عظيمة لتعليمهم أحكام الله، والله تعالى ولي التوفيق.