قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أعْقَلُ النّاسِ أبْعَدُهُمْ عَنْ كُلِّ دَنِيَّة»[1].
تمثل الحكمة العلوية بصيرة وامتداد للنور المحمدي، فهو من ذاك النبع الصافي، فعلي هو الهادي إذ كان رسول الله المنذر، فحديث أمير المؤمنين نور للمؤمنين، ينير طريقهم في دروب الحياة إلى طريق السعادة دنيا وآخرة، ومن كلامه (عليه السلام): «أعْقَلُ النّاسِ أبْعَدُهُمْ عَنْ كُلِّ دَنِيَّة».
فالمقياس عند أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّ العقل ما قاد إلى الطاعة وأبعد عن المعصية، وأكمل نواقص الإنسان، وارتفع به عن كلّ دنيئة، وقاده إلى معالي الأمور وكمال الأخلاق، فالكلام بالتالي يرجع إلى حقيقة وهي أنّ أهل العقل هم الأبعد عن كلّ دنيئة في القول والفعل، وقول الإمام يرسم طريق الاستقامة والصواب للمسلمين، وهو أنّ المسلم هو أعقل الناس؛ لأنّه أبعدهم عن الأمور الدنيئة - هذا في حال كان المسلم مُطبّقاً لحقيقة الإسلام- فكلّ قبيح لا يتفق مع طبيعة العقل الذي دعا إليه الدين وأكّد عليه؛ لأنّ العقل وفق منظومة الدين الإسلامي هو ما سار بصاحبه نحو الطاعة ومكارم الأخلاق، وما أورد الإنسان في مهالك المعاصي فهو ليس بعقل، مهما بلغ من الحيلة والمكر، بل هو شيطنة شبيهة بالعقل، ورد عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: حينما سُئل: ما العقل؟ قال: «الْعَقْلُ ما عُبِدَ بِهِ الرَّحْمنُ وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجَنانُ، وقيل له: فالذي كان في معاوية؟ فقال: تِلْكَ النَّكْراءُ وَتِلْكَ الشَّيْطَنَةُ وَهِىَ شَبيهَةٌ بِالْعَقْلِ وَلَيْسَتْ بِعَقْلٍ»[2].
إذاً، العقل عقل الدين لا عقل المصالح الدنيوية المخالفة لأوامر الله تعالى، فلا يخدعنك حال المحتالين لتحصيل عاجل الدنيا، فكلّ ذلك يبور، كما قال جلّت قدرته: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)[3].
مجلة ولاء الشباب العدد (63)