من النجومِ اللامعة في سماءِ العقيدة والتشيُّعِ الصَّادق لأَميرِ المؤمنينَ(عليه السلام) هو الصحابيُّ الجليلُ أَبو رافع(رضي الله عنه)، هذهِ الكُنيةُ التي اشتهر بها دونَ اسمهِ، بسبب الاختلاف باسمه عند المؤرخين، فيقال إنه: إِبراهيم، ويُقال: أَسْلَم، وقيل: ثابت، وقيل: هرمز، وقيل: بندويه، وقيل: القبطي، وقيل: العجمي[1].
أسلم أبو رافع قديماً بمكّة، وكان غلاماً لعمِّ النَّبي(صلى الله عليه وآله) العبّاسِ بنِ عبدِ المطلب، ثم قامَ العباسُ بهبتهِ إلى رسولِ الله(صلى الله عليه وآله)، ولمّا أسلمَ العبّاسُ بنُ عبدِ المطلب أَخبرَ أَبو رافع رسولَ الله(صلى الله عليه وآله) بإسلامهِ فأعتقهِ لوجهِ اللهِ تعالى، ثمَّ زوّجهُ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) مولاتَهُ سَلْمى، فَوَلَدَتْ له عبيدَ اللهِ وعلياً، وكان عبيدُ الله كاتبَ أَمير ِالمؤمنين(عليه السلام) في خلافته كلِّها[2].
يُعدُّ أبو رافع من الصحابة المتميزين لأمير المؤمنين(عليه السلام)، ومن الأبرار المخلصين في طاعتهم وولائهم له(عليه السلام)، وهو من خيار الشيعة والثقات، وهو البارزين بالعقيدة الصلبة والمواقف الثابتة، وهو أحد رواة حديث الغدير.
وهو من السابقين إلى التأليف والتدوين، فله كتب متنوعة، منها كتابه (السُّنن والقضايا والأَحكام)، يشتمل على أبواب الفقهية المتنوعة، رواه الكثير من الرواة والمُحدّثين من ضمنهم ولده، ومنها كتابه (أَقضيةُ أَميرِ المؤمنينَ)، وكتاب (الدِّيات) وغيرها من الكتب.
من أَقوالِ رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) فيه: «يا أَيُّها النَّاسُ، مَنْ أَحبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلى أَميني على نَفْسِي وأَهلي، فهذا أَبو رَافعٍ أَميني على نَفْسي»[3].
وأَما عن بعض فضائلهِ ومناقبهِ: (..بَاعَ أرضَهُ بِخَيَبَر ودارَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ مَعَ عَلِيٍّ(عليه السلام) وهُوَ شَيخٌ كَبيرٌ لَهُ خَمسٌ وثَمانونَ سَنةً، وقالَ: الحَمدُ للهِ، لَقَد أصبَحتُ لا أَحَدَ بِمَنزِلَتي، لَقَد بايَعتُ البَيعَتَينِ؛ بَيعَةَ العَقَبَةِ، وبَيَعَةَ الرِّضوانِ، وصَلَّيتُ القِبلَتَيِن، وهاجَرتُ الهِجَرَ الثَّلاثَ، قُلتُ: ومَا الهِجَرُ الثَّلاثُ، قالَ: هاجَرتُ مَعَ جَعَفَر بنِ أَبي طالِبٍ إلى أَرضِ الحَبَشَةِ، وهاجَرتُ مَعَ رَسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) إلَى المَدينَةِ، وهذِهِ الهِجرَةُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ(عليه السلام) إلَى الكوفَةِ، فَلَم يَزَل مَعَ عَلِيٍّ(عليه السلام) حَتَّى استُشهِدَ عَلِيٌّ(عليه السلام)، فَرَجَعَ أبو رافِعٍ إلَى المَدينَةِ مَعَ الحَسَنِ(عليه السلام) وَلا دارَ لَهُ وَلا أَرضٌ، فَقَسّمَ لهُ الحَسَنُ(عليه السلام) دارَ عليّ(عليه السلام) بنصفين)[4].
وعلى ما نقلناه من كلام النجاشي(قدس سره) يتبين أنه توفي في المدينة المنورة بعد شهادة أمير المؤمنين(عليه السلام)، وهو الأصح، ودفن في البقيع.
المصدر: مجلة اليقين العدد (40)، الصفحة (11).