يتحد أنصار الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) بالصفات المشتركة التي تؤهلهم لمنزلة النصرة، والقيام بوظيفتهم التي ادّخرهم الله لها، ومن صفاتهم أنّهم أهل الجهاد في سبيل الله تعالى لنصرة الحق، وينتظرون دورهم في نصرة إمامهم، وينتصروا أو يستشهدوا تحت لوائه، فهم آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، متقون صابرون، وهذه هي الصفات الحقة في أنصاره وأعوانه، وهم يرسمون المثال الأصيل في تجسيد الفكر الإسلامي، جعلنا الله منهم، عن الإمام الصادق(عليه السلام): «هؤلاء شيعتنا حقاً، وهم أنصارنا وإخواننا والمواسون لغريبنا، والحافظون لسرنا، اللّينة قلوبهم لنا، والقاسية قلوبهم على أعدائنا، وهم كسكان السفينة في حال غيبتنا، تمحلُ البلاد دون بلادهم، ولا يصابون بالصواعق، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويعرفون حقوق الله، ويساوون بين إخوانهم، أولئك المرحومون، المغفور لحيِّهم وميتهم، وذكرِهم وأنثاهم، ولأسودِهم وأبيضهم، وحرِّهم وعبدهم، وانَّ فيهم رجالاً ينتظرون، والله يحب المنتظرين»[1].
والمؤمنون المنتظرون بهذا المعنى يهتمون بعامل الزمن، فكلّ دقيقة لابدّ أن تكون في خدمة وعمل يقربهم من الله ورضاه، ورضا إمامهم المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، أمّا العامل المكاني فلا يعتبر عاملاً مهماً في قضية الانتظار أو النصرة يوم الظهور المبارك.
كذلك القومية والمناطقية والشعوبية، كلّها عوامل لا دخل لها في وظيفتهم التي يعدّون العدّة لها، وينتظرونها بكامل الصبر.
لذلك ذكرت الروايات اجتماعهم من آفاق الأرض، رغم اختلاف الدول والاتجاهات والقوميات، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه سُئل، كيف يكون حال الناس في حال قيام القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟ وفي حال غيبته؟ ومَنْ أولياؤه وشيعته؟ مَنْ المصابين منهم؟ المتمثلين أمر أئمّتهم؟ والمقتفين لآثارهم؟ والآخذين بأقوالهم؟
«قال(عليه السلام): بلدة بالشام.
قيل: يا بن رسول الله إنَّ أعمال الشام متسعة؟
قال(عليه السلام): بلدة بأعمال الشقيف أرنون، وبيوت وربوع تعرف بسواحل البحار وأوطئة الجبال.
قيل: يا بن رسول الله هؤلاء شيعتكم؟
قال (عليه السلام): هؤلاء شيعتنا حقا، وهم أنصارنا»[2].
فالرواية تدل على أن أحد مواطن الأنصار هي الشام.
كذلك ورد ذكر مصر والعراق في رواية الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال: «يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم»[3].
وعن فلسطين، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم مَن خالفهم، ولا ما أصابهم من لأواء ـ مشقة ـ حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس»[4].
وعن خراسان: ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان، فأتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي»[5] وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله): «تجيء الرايات السود من المشرق، كأن قلوبهم زبر الحديد، فمن سمع بهم فليأتهم، فيبايعهم ولو حبواً على الثلج»[6].
إذاً ليس للأوطان والقوميات أثر في ثقافة المنتظرين والأنصار، نعم وردت الأخبار عند المسلمين في تعيين مكان انطلاق دولة المهدي المباركة، وتحرّكه (عليه السلام)، وهو منطقة الحجاز، أمّا الشيعة بشكل عام فعندهم أنّه (عليه السلام) ينطلق من الحجاز إلى العراق، وبعضها يخصص مكة بالذات.
أمّا مصادر غير الشيعة فقد ورد فيها أنّه (عليه السلام) يتوجه من مكة إلى الشام والقدس، وبعضها يذكر أنّه يتوجه إلى العراق، ثمّ إلى الشام والقدس. وهناك رواية ينقلها ابن حمّاد بأنّه (عليه السلام) يأتي أولاً إلى جنوب إيران، حيث يبايعه الإيرانيون وقائدهم الخراساني وقائد جيشه شعيب بن صالح، ثمّ يخوض بهم معركة ضد السفياني في منطقة البصرة، ثمّ يدخل العراق.
فالمشترك بين هذه الأخبار هو أنّ منطلق حركة ظهوره (عليه السلام) من مكة وأنّ هدفه القدس، وفي الفترة المتخللة بين المقامين يشتغل فترة في ترتيب أوضاع دولته الجديدة، خاصة العراق، وفي إعداد الأنصار والجيش للزحف إلى القدس.
المصدر: مجلة اليقين العدد (68)