تضم قلعة كركوك الأثرية بين حناياها العديد من المعالم التاريخية، والشواهد الأثرية، مثل الجوامع والمساجد والتكايا، بالإضافة إلى كنيسة كلدانية، ولعل من أشهر تلك المعالم، جامع ومرقد النبي دانيال (عليه السلام) ويضم ثلاثة أضرحة يعتقد أنها تعود إلى النبي دانيال وعزير وحنين (عليهم السلام)، وكان مبنى الجامع هو أحد المعابد اليهودية ثم تحول إلى كنيسة مسيحية ليبنى عليها فيما بعد المسجد في العهد الإسلامي.
ويحتوي الجامع على مئذنة أثرية قديمة يعود تاريخها إلى عهد الدولة العثمانية، بالإضافة إلى أقواس وأعمدة يرجع طراز بناءها إلى أواخر العصر المغولي أو بداية العصر التيموري (أي حدود القرن التاسع الهجري ـ الخامس عشر الميلادي)، ومئذنة هذا الجامع بنيت من الطابوق، ومزيّنة بأشرطة من القاشاني.. وهي بمثابة نقطة استدلال تشاهد من جميع أجزاء القلعة، وفي الجامع أقواس وعقود لا تزال قائمة وجالسة على قاعدة مثمنة بجانبها المئذنة، وبني الجامع على أنقاض أقواس مبنى قديم، ويحتوي المسجد على قبتين، وتبلغ مساحة المسجد 400 متر مربع، ويسع المصلّى أكثر من 150 مُصلٍّ.
والمرقد ذو أهمية في نفوس المحيطين بهِ من أهالي مدينة كركوك وغيرهم، حيث يحظى هذا المرقد باحترام كل الطوائف في المدينة، حيث دأبت نسوة المدينة في كل سبت من أيام الأسبوع (ومنذ مئات السنين) على زيارة المرقد.
كما كانت تقام في مسجده صلاة الجمعة والعيدين وسائر الصلوات اليومية، إلى أن أمرت السلطة القائمة يومذاك، بهدم قلعة كركوك وترحيل ساكنيها بداية التسعينيات، ومنذ ذلك الوقت، ما عادت الصلوات تقام فيه، بيد أن الزيارات الاعتيادية لم تنقطع، حيث يشهد المرقد إقبالاً كبيراً من قبل الأهالي في الأعياد والمناسبات الدينية، بالإضافة إلى الزيارة المعتادة كل يوم سبت من الأسبوع.
مقبرة الجامع:
تقع قرب المرقد مقبرة تابعة لجنود جيش الدولة العثمانية، حيث تم بناء المرقد وتعميره أثناء العهد العثماني، في القرن الخامس عشر الميلادي، ونتيجة للاحترام الكبير والمحبة الفائقة التي كان يكنّها أهل كركوك للمسيحيين واليهود ولشخص النبي دانيال قام أهل كركوك القدماء بدفن موتاهم بجانب مسجد النبي دانيال حيث تعتبر المقبرة الموجودة بجانب المسجد من أقدم المقابر في مدينة كركوك.
النبيّ دانيال (عليه السلام):
كان دانيال (عليه السلام) نبيّاً مبعوثاً في بني إسرائيل حينما كانوا أسرى بيد بخت نصر في بابل إذ يظهر من بعض الآثار والأخبار إنّ بخت نصر قد أغار على أورشليم - عاصمة اليهود - ونهبها وأجلى أهلها إلى بابل في سنة (588 ق. م) وعلى كلّ فقد عذّبه بخت النصر في بادئ الأمر وثمّ بعد الوقوف على غزارة علمه وحكمته - بتعبيره الرؤيا الخاصّة ببخت النصر - أطلق سراحه وخفّف عن اليهود بسببه.
ولكنه (عليه السلام) قُبِض في تلك الأيّام بعدما بَشّر قومه بعودتهم إلى وطنهم بيد من يبيد حكم بخت نصر.
ويظهر من بعض الأخبار انّ دانيال (عليه السلام) قد لاقى نبيّ الله داود (عليه السلام) في وقت ما، وعلى ضوء ما ذكرنا فلابدّ أن يكون هذا اللقاء قبل نبوّة دانيال (عليه السلام) بفترة غير وجيزة، وعليه يجب أن نلتزم بأنّ دانيال (عليه السلام) كان من المعمّرين. (مركز الأبحاث العقائدية)
أماكن أخرى:
توجد مقابر أخرى يعتقد البعض انها تعود إلى النبي دانيال (عليه السلام) أحدها تقع في إيران وقبر آخر في قبرص.
كما يوجد مسجد آخر باسم النبي دانيال في مدينة الموصل الحدباء في منطقة حضيرة السادة وبالأخص في منطقة تسمى محلة اليهود وهو قديم جدا يعود إلى مئات السنين ويحكى انه كان كنيسة ويرتاده الكثير من الزائرين من البلدان المجاورة ومثبت رسمياً في دوائر التسجيل العقاري وبلدية الموصل باسم جامع النبي دانيال (عليه السلام).
كما يوجد مسجد النبي دانيال (عليه السلام) في مدينة الإسكندرية فيهِ ضريح ينسب إلى النبي دانيال (عليه السلام) وبجواره ضريح ينسب إلى لقمان الحكيم.
المصدر: بيوت المتقين (49) شهر ربيع الأول 1439هـ