1- عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ قَالَ قُلْتُ لِلرِّضَا(عليه السلام) إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) قَدْ عَرَفَ قَاتِلَه واللَّيْلَةَ الَّتِي يُقْتَلُ فِيهَا والْمَوْضِعَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيه وقَوْلُه لَمَّا سَمِعَ صِيَاحَ الإِوَزِّ فِي الدَّارِ صَوَائِحُ تَتْبَعُهَا نَوَائِحُ وقَوْلُ أُمِّ كُلْثُومٍ - لَوْ صَلَّيْتَ اللَّيْلَةَ دَاخِلَ الدَّارِ وأَمَرْتَ غَيْرَكَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأَبَى عَلَيْهَا وكَثُرَ دُخُولُه وخُرُوجُه تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِلَا سِلَاحٍ وقَدْ عَرَفَ(عليه السلام) أَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ لَعَنَه الله قَاتِلُه بِالسَّيْفِ كَانَ هَذَا مِمَّا لَمْ يَجُزْ تَعَرُّضُه، فَقَالَ(عليه السلام): «ذَلِكَ كَانَ ولَكِنَّه خُيِّرَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لِتَمْضِيَ مَقَادِيرُ الله عَزَّ وجَلَّ»[1].
2- عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيه أَنَّه أَتَى عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) لَيْلَةً قُبِضَ فِيهَا بِشَرَابٍ فَقَالَ: «يَا أَبَتِ اشْرَبْ هَذَا، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ هَذِه اللَّيْلَةُ الَّتِي أُقْبَضُ فِيهَا، وهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا رَسُولُ الله(صلى الله عليه وآله)»[2].
3- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) قَالَ: «كُنْتُ عِنْدَ أَبِي فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيه فَأَوْصَانِي بِأَشْيَاءَ فِي غُسْلِه وفِي كَفْنِه وفِي دُخُولِه قَبْرَه فَقُلْتُ: يَا أَبَاه والله مَا رَأَيْتُكَ مُنْذُ اشْتَكَيْتَ أَحْسَنَ مِنْكَ الْيَوْمَ مَا رَأَيْتُ عَلَيْكَ أَثَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ أمَا سَمِعْتَ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ(عليه السلام) يُنَادِي مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ يَا مُحَمَّدُ تَعَالَ عَجِّلْ»[3].
4- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عليه السلام) قَالَ: «أَنْزَلَ الله تَعَالَى النَّصْرَ عَلَى الْحُسَيْنِ(عليه السلام) حَتَّى كَانَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ ثُمَّ خُيِّرَ النَّصْرَ أَوْ لِقَاءَ الله فَاخْتَارَ لِقَاءَ الله تَعَالَى»[4].
5- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ الْبَطَلِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله(عليه السلام): «أَيُّ إِمَامٍ لَا يَعْلَمُ مَا يُصِيبُه وإِلَى مَا يَصِيرُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ لله عَلَى خَلْقِه»[5].
الشرح:
قوله(عليه السلام): «أَيُّ إِمَامٍ لَا يَعْلَمُ مَا يُصِيبُه»، الغرض منه أن الإمام لابدّ أن يكون عالماً بكلّ شيء حتى ما يصيبه وما يصير إليه، وإلاّ فلا يصلح أن يكون حجّة الله وخليفته على خلقه؛ لأن خليفته قائم مقامه فيجب أن يكون عالماً بكل شيء مثله.
وفيه دلالة على أن جهلهم بالشيء عبارة عن عدم حصوله بالفعل، والسبب في ذلك هو أن النفس الناطقة إذا قويت حتى صارت نوراً إلهياً لم يكن اشتغالها بتدبير البدن عائقاً لها عن الاتصال بالحضرة الإلهية، فهي والحالة هذه إذا توجّهت إلى الجناب القدس لاستعلام ما كان وما سيكون وما هو كائن أُفيضت عليها الصور الكلّية والجزئية بمجرّد التوجّه من غير تجشّم كسب وتمهيد مقدّمات.
فهم عالمون بأسرار المبدأ والمعاد، وأسرار القضاء والقدر، وأحوال الجنّة والنّار، ومراتب المقامات والدّركات، وعلم الأَحكام والحدود إلى غير ذلك، ممّا لا يعلم قدرها وكمّيتها وكيفيّتها إلّا العالم المحيط بالكلِّ.
وذلك لأَنّهم(عليهم السلام) لتقدُّس طينتهم وضياء عقولهم وصفاء نفوسهم وكمال بصيرتهم، يعرفون حال كلِّ نفس من النفوس البشريّة خيراً كان أو شرّاً عند مشاهدتهم، وينتقلون من الظاهر إلى الباطن، ومن الباطن إلى الظاهر، للتناسب بين الظاهر والباطن وتلك المناسبة قد تظهر لواحد من آحاد الناس إذا كان من أهل المعرفة الرَّبّانيّة والرِّياضة النفسانيّة فكيف لا تظهر للأئمّة الطاهرين الّذين هم أنوار روحانيّون وعلماء ربّانيّون، وأيضاً بين المؤمن الكامل وبينهم(عليهم السلام) مناسبة تامّة حتّى كأن جسمه من جسمهم وروحه من روحهم فبتلك المناسبة يعرفون حقيقة إيمانه، وبين المنافق وبينهم(عليهم السلام) منافرة تامّة وبتلك لمنافرة يعرفون حقيقة نفاقهم.
وقد ورد في الروايات المستفيضة أن علمهم(عليهم السلام) من علم رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذي هو أعلم من جميع الأنبياء والمرسلين، وبأيدهم(عليهم السلام) السلطتين التشريعية والتكوينية، ويلزم بذلك علمهم بما كان وبما يكون، وعلمهم يفوق علم نبي الله سليمان بن داود(عليه السلام)، فإذا استحقّ هو أن يكون الرِّيح والنمل والإنس والجنّ... طايعين له، فهم أولى بذلك، ووجه ذلك أنَّ سليمان(عليه السلام) لم يعلم ما علمه الهُدهُد من مواضع الماء، ولم يعلم أنّه غائب أو حاضر حتّى استفهم عن أمره، ثمّ بعد ما علم أنّه غائب لم يعلم سبب غيبه وجهتها، حتّى قال: (أو ليأتيني بسلطان مبين)، ولا شيء من الأَشياء ولا سبب من الأسباب في عالم الإمكان بمجهول لمحمّد(صلى الله عليه وآله) ولا لأولاده الطاهرين، فقد أعطوا(عليهم السلام) من العلوم ما لم يعطه غيرهم.
مجلة بيوت المتقين العدد (81)