أخذ الكل بذنب الجزء

لقد ورد في زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) المعروفة بزيارة وارث عبارة (فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً ظَلَمَتْكَ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ)

قرأت للبعض سؤالاً حول هذه العبارة وهو: أنتم تلعنون أمة محمد(صلى الله عليه وآله)ومنهم العلماء والصلحاء والسادة والمؤمنون فليست كل الأمة قتلت الحسين(عليه السلام) فلمَ هذا التعميم غير المبرر؟

وللجواب على هذا السؤال لابد أن نفرض السائل متوخياً للدقة معنا حتى تفارق الشبهات أذهاننا فنقول: ليس في العبارة لعن لأمة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله)، بل ورد اللعن في الزيارة هكذا (لعن الله أمة قتلك) وكلمة (الأمة) وردت نكرة والمعنى لعن الله الأمة التي قتلت ابن بنت نبيها، ولم يرد في الزيارة (لعن الله أمة محمد(صلى الله عليه وآله)) ولا ملازمة بين اللعن المتوجه إلى الأمة التي قتلت ألإمام(عليه السلام) وأمة محمد(صلى الله عليه وآله)، باعتبار أن معنى الأُمَّة في اللغة هي (جماعة من الناس أكثرهم من أَصل واحد، وتجمعهم صفات موروثة، ومصالح وأَمانيّ واحدة، أو يجمعهم أمر واحد من دين أو مكان أو زمان) كذا جاء في المعجم الوسيط، بل القرآن الكريم يعمم المعنى حتى للحيوانات قال تعالى: Pوَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْO الأنعام:38، وكل جنس من السباع أمة، جاء في بعض الطرق عن النبي (صلى الله عليه وآله) «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم» النسائي: ج7 ص185 فالأمة بمعنى الجماعة فيكون معنى اللعن لعن الله جماعة قتلتك ولا يدل أو يشير هذا المعنى من توجه اللعن إلى أمة محمد (صلى الله عليه وآله) فلا محل لمثل هذا التوهم.

 وربما يتوسع السؤال بخصوص العبارة،  فإنها تعمــم اللعن إلى يومنا  (وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ)
فــان عبارة سمعت بذلك فرضيت به لهي شاملة لكل إنسان إلى يوم القيامة، وليس فقط القاتلين الفعليين ومن شاركهم في قتال الحسين(عليه السلام)، وهنا نذكر جواباً آخر وهو أنه من المعلوم أن كل من يؤذي الله تعالى أو يؤذي نبيه فانه يستحق اللعن وهذه حقيقة قرآنية نصّ عليها القران الكريم: Pإِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناًO. الأحزاب:57

وبالتأكيد أن النبي الأكرم يتأذى بأذى ذريته التي أولاها تمام عنايته، لاسيما الإمامان الحسن والحسين(عليه السلام) وقد صرح أنهما ريحانتاه من هذه الدنيا، وعليه فإن أذية الإمام الحسين(عليه السلام) بأي شكل من الإشكال حتى على مستوى الرضا بظلامته أمر يؤذي النبــــي(صلى الله عليه وآله)، وهنا تأتي الآية الشريفة تتوعدهم باللعن لا في الدنيا فقط كما هو مفاد الزيارة الشريفة منطوقا بل حتى الآخرة كما في الآية نصاً هــــذا مـــا أحــببت إضافته عسى أن أكون قد وفقت.

 

المصدر: مجلة اليقين، العدد (12)، الصفحة (10).