بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
بطاقة دعوة بسطت فيها اليد الإلهية كرمها، ومدّت سفرتها، ونوّعت خيرها، تنتظر إجابة الدعوة من المؤمنين ساعة الإعلان عن ثبوت هلال شهر رمضان المبارك.
ولو تأملنا قليلاً في جملة الآيات والدلائل الكونية والأنفسية لأدركنا أن الله تعالى قد دعا عموم الناس أَجمعين إلى التعرف على سعة رحمته، وجميل عطاياه، وفتح لهم أبواب الخير والرحمات، وأزال عن طرق الوصول إليه جميع الموانع والعقبات، وألهمهم سبيل الهداية ونور المعرفة، قال تعالى: (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)[1]، وقال عزَّ من قائل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)[2]، لكن الدعوة التي خصّها الله تعالى في شهر رمضان المبارك تبقى هي الأفضل من بين الدعوات كلها، لأننا لا نجد في غيره من الشهور والأيام دعوةً تضمنت أن أبواب الجنان فيه مفتحة، وأبواب النيران مغلقة، والشياطين مغلولة، وأن الأنفاس فيه تسبيحٌ، والنوم فيه عبادة، ولياليه أفضل الليالي، وأيامه أفضل الأيام.
إضافة إلى اشتمال شهر رمضان المبارك على بعض الأبعاد العبادية، والأخلاقية، والعلاقات الأسرية، والاجتماعية، وغيرها، والتي وعد عليها سبحانه تعالى مضاعفة الثواب العظيم والأجر الكبير، والتي هي أيضاً لا تجدها في باقي الشهور والأيام.
هذا ما تضمنته ضيافة الله تعالى ودعوته من المعاني والمقامات للمؤمنين في هذا الشهر العظيم، فهل يا ترى نلبّي الدعوة ونكون بمعنى الضيوف الحقيقيين بآدابنا وأخلاقنا وسلوكنا مع الله تعالى في وقت الضيافة التي سيستغرق شهراً كاملاً؟
فهنيئاً لمن كان مؤدباً في ساحة ضيافة الله تعالى، واستحيى من خالقه، وتورع عن كل محارم الله جل ذكره، فإن أفضل الأعمال في هذا الشهر الشريف الورعُ عن محارمه، والكفُّ عن مُبغضاتِهِ كما جاء في خطبة شهر شعبان للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في استقبال شهر رمضان.
مجلة اليقين العدد (29)