النُخيلة هي تصغير لكلمة نخلة، وهو مكان قرب الكوفة، ويعود تاريخ مسجد النخيلة التاريخي إلى عهد نبي الله إبراهيم الخليل (عليه السلام)، فقد نصّت الروايات التاريخية على أنه قد أسّس مسجدا في النخيلة خارج الكوفة، وهي الموضع الذي خرج إليه الإمام علي (عليه السلام) لما بَلَغهُ ما فُعِلَ بالأنبار من قتل عامله عليها، وقد خطب فيها أكثر من خطبة.
ولأن الإمام علي (عليه السلام) قد زاره واتخذه مقاما له أيام واقعة النهروان وصفين (36هـ-37هـ) ومن بعده ولده الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، لذا اتخذ المسلمون على قبر نبي الله ذي الكفل (عليه السلام) مصلى ومكانا للعبادة، وكان من أشهر أئمة المسجد (عباد بن الربيع) راوي حديث الإمام علي(عليه السلام)، وتاج الدين الآوي.
جدد بناء مسجد النخيلة وضريح النبي ذي الكفل (عليه السلام) في أيام الاليخانيين في فترة حكم السلطان اولجايتو محمد خدا بنده (703- 716 هـ) الذي أمر بتجديد الضريح والمسجد المقدس.
فضل مسجد النخيلة
لقد تشرّفت النخيلة وتشرّف مسجدها المعظّم بإقامة الأنبياء والأوصياء (عليه السلام) ودعوتهم إلى التوحيد وعبادة الله تعالى فيها، وكان أول المقيمين فيها نبي الله إبراهيم الخليل (عليه السلام) كما نصت على ذلك بعض الروايات، منها ما جاء عن الإمام علي (عليه السلام) بأن نبي الله إبراهيم (عليه السلام) قد مرّ بها واشتراها في إحدى سفراته.
وبعدما اشتراها أسس فيها مسجد النخيلة كما أشارت إلى ذلك رواية الإمام الجواد (عليه السلام) في وصف حركة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه،
كما تشرفت النخيلة أيضاً بإقامة نبي الله ذي الكفل (عليه السلام) لتكون نقطة انطلاق دعوته إلى الله تعالى ومثواه الأخير مع ثلة من أصحابه، وقبر النبي ذي الكفل (عليه السلام) وأصحابه اليوم يقع داخل مسجد النخيلة التاريخي وأحد المزارات الشريفة الملحقة بالمسجد.
كما تشرفت النخيلة ومسجدها بإقامة العبد الصالح الخضر (عليه السلام) وله اليوم مقام معلوم في داخل المسجد المعظم وأحد المزارات المشهورة الملحقة به.
وفي عام 36 هـ تشرفت النخيلة بقدوم وإقامة سيد الأوصياء أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ونجله الإمام الحسن السبط (عليهما السلام) وخيرة أصحابه فيها واتخاذ مسجدها مقاما ومصلّى لهم، وقد خطب فيها الإمام علي (عليه السلام) أكثر من خطبة في الحث على الجهاد والوعظ والإرشاد.
المزارات الملحقة بمسجد النخيلة التاريخي:
ضريح نبي الله ذي الكفل (عليه السلام)
يعتبر ضريح نبي الله ذي الكفل(عليه السلام) - وله (عليه السلام) أسماء أخرى منها عويديا بن أدريم وحزقيل ويهوذا بن يعقوب - من الأماكن التي تحتل قدسية كبيرة عند الديانات السماوية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، يغطي الضريح المقدس صندوق من خشب الصاج، أما بالنسبة إلى الغرفة التي تضم الضريح المقدس فهي على شكل مستطيل وهي مزينة بالزخارف ومطعمة في مناطقها بالمرايا، كما توجد فيها كتابات عبرية تدور حول الجدران الأربعة للضريح.
مقام الخضر (عليه السلام)
يقع مقام سيدنا الخضر (عليه السلام) في الجهة الجنوبية الغربية لحرم الصلاة القديم، وهو عبارة عن غرفة صغيرة يوجد فيها المقام ولهذا المقام كرامات مشهورة.
حرم قبور أصحاب نبي الله ذي الكفل (عليه السلام)
على يسار الداخل إلى حرم الصلاة من الجهة الشرقية باب يؤدي إلى حرم فيه أربعة قبور تنسب لأصحاب نبي الله ذي الكفل (عليه السلام).
مقام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
يضم المسجد محرابا، المشهور أنه المكان الذي صلى فيه الإمام علي (عليه السلام) أيام إقامته فيه متوجها إلى صفين لمقاتلة معاوية في الشام.
مقام نبي الله إبراهيم (عليه السلام)
له (عليه السلام) مقام في هذا المسجد لأنه (عليه السلام) هو المؤسس لهذا المسجد كما تذكر الروايات، إلا أنه لم يحدد مكانه بدقة.
معالم المسجد
قبة ضريح نبي الله ذي الكفل (عليه السلام)
بنيت فوق الغرفة التي تضم ضريحه (عليه السلام) قبة وهي متكونة من طبقتين أو قبتين الأولى داخلية نصف كروية صمم في وسطها نجمة زخرفية ذات اثني عشر رأساً مزخرفة بالمرايا مغلفة من الخارج بالقبة الثانية المخروطية والمقرنصة مكونة من عشرة طبقات عدا غطاء القبة وكل طبقة مكونة من مجموعة من العقود المدببة التي تكون مسطحة في بواطنها عدا الصف السادس المكون من حنيات بسيطة تعلوها. يبلغ ارتفاعها من الخارج (17م) تنتصب فوق قاعدة مثمنة الشكل ترتفع على السطح المجاور حوالي متر واحد وتقوم فوقها القبة المخروطية المقرنصة ارتفاعها (8م) ويعود تأريخ بناء القبة إلى عهد السلطان اولجايتو محمد خدابنده (703-716هـ) .
قبة المسجد الأثرية
كان لحرم الصلاة القديم (مقام الإمام علي (عليه السلام)) قبة مسننة مغلفة بالكاشي الأزرق، ولكن اليهود وحملتهم التخريبية بعد عام 1850م غيروا معالم المسجد فرفعوا محرابه ودفنوا منبره بعدما حطموه وأزالوا مأذنة المسجد، وهدموا سقفه وقبته، واليوم قد أعيد بناء معالم حرم الصلاة القديم من المحراب والقبة وغيرها.
مأذنة المسجد
وهي من المعالم الأثرية الشاخصة في مرقد نبي الله ذي الكفل (عليه السلام) ومدينة الكفل، تقع المأذنة بالقرب من القبر الشريف، والذي أمر بإنشائها السلطان محمد خدابنده، يبلغ محيط بدن المنارة حوالي (10) أمتار وارتفاعها بحدود (24) متراً تستند على قاعدة مكعبة الشكل يبلغ ارتفاعها بحدود (6) أمتار وقد زُيّن بدن المنارة بأشكال متعددة من الزخارف الهندسية، وإن أروع هذه الزخارف على بدن المأذنة هي التي تقع في وسطها وتتألف من كتابة كوفية نادرة الوجود في العالم الإسلامي، وتتكون من أربعة كلمات كتبت بشكل مثلثات متداخلة وهي (ودي حب محمد وعلي).
سور المسجد
وهو سور يحيط بالمرقد والمقام يبلغ محيطه حوالي365م وعمقه حوالي 3م وعرضه مابين 1،25 و1،35م وكان ارتفاعه قبل هدمه 9م ويعود تأريخه إلى أكثر من 700 سنة.
بئر المسجد
وهي بئر تقع في جنوب مأذنة المسجد الشاهقة وقد تم اكتشافها عام 2009 وهي متصلة بسور المسجد القديم.
أبراج المسجد
لمسجد النخيلة عدة أبراج تسنده وتزينه تم اكتشافها في أزمنة متعاقبة، وعددها( 17) برجا وقد تم صيانة أسسها وصيانتها بطريقة علمية.
منبر المسجد
يذكر لنا المؤرخون أن السيد تاج الدين الآوي ألأفطسي (المتولي والمشرف على المسجد آنذاك والذي قتل عام 171هـ) قد نصب في صحن المسجد منبراً مصنوعاً من الصخر قد حفر اليهود له حفرةً واردوه فيها وهو موجود لمن نقب وبحث عنه.
المصدر: بيوت المتقين (28) شهر محرم الحرام 1437هـ