أولاً: نيابة الصفات عن الذات:
يعتقد المعتزلة أنّ صفات الله تعالى عين ذاته، والقول المشهور عندهم هي نظريّة نيابة الذات عن الصفات، من دون أنْ تكون هناك صفة، وذلك لأنّهم رأوا أنّ الأمر في أوصافه سبحانه يدور بين محذورين.
أ -لو قلنا بأنّ له سبحانه صفات مستقلّة عن ذاته كالعلم، وجب الاعتراف بالتعدُّد والإثنينيّة لأنّ واقع الصفات هو المغايرة للموصوف.
ب -إنّ نفي العلم والقدرة وسائر الصفات الكماليّة أولاً: يستلزم النقص في ذاته، وثانياً: يُكذِّبه إتقان آثاره وأفعاله، وللفرار من هذين المحذورين كان انتخابهم نظريّة النيابة، وهي القول بأنّ الذات نائبة مناب الصفات.
وخلاصة ما يراه المعتزلة في ذلك أنَّ الذات الإلهيّة قديمة لها صفات هي العلم والقدرة والحياة، وهذه الصفات هي الذات المقدّسة من حيث المصداق، والتعدّد في عالم المفاهيم والألفاظ فقط، وجميع هذه الألفاظ تشير إلى معنى واحد فصفات الله تعالى عين ذاته؛ لأنّ إثبات صفة إلى جانب الذات أو بعرض الذات إنّما يعني إثبات إلهين.
ثانياً: نظرية الإحباط:
الإحباط في عُرف المتكلّمين عبارة عن بطلان الحسنة، وعدم ترتّب ما يُتوقّع منها عليها، ويُقابله التكفير وهو إسقاط السيئة وعدم ترتّب الآثار عنها والثواب والعقاب، ثُمّ إنّهم اختلفوا في كيفيّة الإحباط، منها: أنّ الإساءة الكثيرة تُسقط الحسنات القليلة وتمحوها بالكليّة.
وقيل إنّ جمهور المعتزلة ذهبوا إلى أنّ الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات.
وهذا بخلاف قول نُفاة الإحباط، فالمطيع والعاصي يستحقّ الثواب والعقاب معاً، فيُعاقب مدّة ثمّ يخرج من النار فيثاب بالجنّة، نعم ثبت الإحباط في موارد نادرة كالارتداد، والشرك وقتل الأنبياء.
ثالثاً: خلود مرتكب الكبيرة في النار:
اتّفقت الإماميّة على أنّ الوعيد بالخلود في النار متوجّه إلى الكفّار خاصّة دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة، ووافقهم على هذا القول أصحاب الحديث قاطبة، وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك، وزعموا أنّ الوعيد بالخلود في النار عامّ في الكفار وجميع فُسّاق أهل الصلاة، والظاهر من القاضي عبد الجبار - وهو أحد شخصيّات المعتزلة - هو الخلود، واستدلّ بقوله سبحانه: (وَمَنْ يَعْصِ الله ورسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا)[1]، فالله تعالى أخبر أنّ العصاة يُعذّبون بالنار ويخلدون فيها، والعاصي اسم يتناول الفاسق والكافر جميعاً فيجب حمله عليهما لأنّه تعالى لو أراد أحدهما دون الآخر لبيّنة، فلمّا لم يبيّنه دلّ على ما ذكرناه .
رابعاً: لزوم الوفاء بالوعيد:
المشهور عن المعتزلة أنّهم لا يجوّزون عفو الله عن المسيء لاستلزامه الخلف، حيث إنّه توعّد المذنب بالعقاب كما وعد المحسن بالمثوبة، وأنّه يجب العمل بالوعيد، كما هو الحال في الوعد، والعقاب يجب فعله في كلّ حال، بينما الثواب لا يجب إلّا من حيث الجود.
المصدر: مجلة اليقين العدد (15)