لا شكَّ أَنَّ المناسباتِ السَّعيدةَ في حَياة النَّاس تُمثِّلُ محطّةَ استراحةٍ نفسيّةٍ وروحيّةٍ، وسَبَباً لإِزالةِ الهموم والغُمومِ المُتلبّدة على القلب، حيثُ الأَجواء التي تَملأُها الغِبطةُ والسَّعادة، وتعلو فيها الابتسامات والمفاكهات، ويلتقي فيها الأَحبة والأَقرباء والأَصدقاء، فتعمرُ الأَجْواء بأَمتعِ اللَّحظات والأَوقات، وتَعْلوُ النُّفوسُ بالبهجةِ والسَّعادةِ العَالية.
وقد ندب الإسلام إلى مثل هذا التواصل في تلك المناسبات دينية أو الإجتماعية أو غير ذلك، لأنها من أسباب تقوية أواصر المحبة والمودة فيما بين الناس، وهذا أمرٌ لا مشكلة فيه في الجملة.
لكن -وبسبب اختلاط النساء مع الرجال في تلك المناسبات- تبرزُ لنا العديد من المخالفات الشرعية، لا سيما تلك المناسبات التي تكون مشحونةً بتقارب الرجال مع النساء، كما هو الحال في حفلات التخّرجِ والأعراس وغيرها، فإننا نلاحظ أن الكثير من الفتيات يخرجنَ عن اتزانهن، ويتحررنَ عن كل القيود التي كانت موجودةً في الأيام الأخرى، فتتغير لديهنَّ طريقةُ الملبس والسلوك، وتغدو التصرفات أكثر حرية وانفتاحية، وتعلو أجواءَ الاختلاط أصواتُ الصخبِ والغِناء، والمزاحُ المحرّمُ بين الجنسين، فيقع المحذور الذي يتخوف منه.
وهذا التصرف ينتج عنه الأمور التالية:
1-وقوع المرأة في الحرام والمعصية: ويكفي بهذا المحذور مانعاً من هذه التجمعات، لأنه من المعلوم وبلا شكٍّ يجب على المرأة المسلمة أن تدينَ بدين الله تعالى وبشرعه القويم، وأن تلتزم بأحكام التحصين والعفة، وتقف عند حدود الله تعالى من دون تعدٍّ ولا تجاوزٍ، وإلا ما فائدة هذا الإسلام الصوري الذي يباح معه هذه المحرمات؟!
2-الآثار المترتبة على هكذا اختلاط واجتماع: إذ أن في أغلب تلك المناسبات تكون سبباً للتعارف وتكوين العلاقات المحرمة بين الشباب والفتيات، فتقع المحاذير الأخلاقية والاجتماعية التي يُتخوَّفُ منها، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (واكْفُفْ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إِيَّاهُنَّ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحِجَابِ أَبْقَى عَلَيْهِنَّ، ولَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إِدْخَالِكَ مَنْ لَا يُوثَقُ بِه عَلَيْهِنَّ، وإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا يَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ)[1].
3-التأثير على الحالة الروحية للمرأة: فغالباً ما تتسبب تلك المناسبات والتجمعات بضعف العِفّة والمناعة لدى النساء، لأن تلك المناسبات التي تجمع الجنسين كفيلةٌ بتضعيف حالة الحياء والعِفة في نفس المرأة بسبب ما ذكرناه أعلاه من تبادل المزاح والابتسامات وما إلى ذلك.
فالأحرى بأختنا حوّاء أن تعي مخاطر هذه التجمعات والاختلاطات، وأن تكون على درجة من الطاعة لله تعالى ولرسوله والأئمة المعصومين (عليهم السلام).