بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
إن الشريعة الإسلامية بمقتضى خاتميتها وشمولها زخرت -بالإضافة إلى الأحكام الشرعية الخمسة التي يراعى فيها مصلحة المكلفين- بِكَمٍّ هائل من الآداب الإسلامية التي شملت جميع جوانب الحياة، وهي سمة بارزة لهذه الشريعة السمحة البيضاء، وهو أمر إن دلَّ على شيء فهو يدل على اهتمام الشارع المقدس في تربية خَلْقه وعباده بأكثر من الأحكام الشرعية، وهو ما نلمسه جلياً في سيرة المعصومين(عليهم السلام)، والذين هم تجسيد حقيقي لقيم الإسلام.قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام): (إن رسول الله(صلّى الله عليه وآله) أدبه الله عز وجل، وهو أدبني وأنا أؤدب المؤمنين وأورّث المكرمين)[1].
والآداب هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع أنواع الخطأ والسوء، واستعمال ما يُحمد قولاً وفعلاً، والأخذ بمكارم الأخلاق.
فلابد لكل إنسان أن يتأدب بآداب الله عزّ وجلّ، وآداب نبيه وأوصيائه(عليهم السلام) ،
قال الإمام الصادق(عليه السلام): (إن الله عزّ وجلّ أدّب نبيه فأحسن أدبه، فلمّا أكمل له الأدب قال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[2]، ثم فوّض إليه أمر الدين والامّة ليَسُوسَ عباده)[3].
الأدب في كلمات أمير المؤمنين(عليه السلام):
1. قال(عليه السلام): (الأدبُ كمالُ الرجل)[4].
2. وقال(عليه السلام): (أفضلُ الشرفِ الأدبُ)[5].
3. وقال(عليه السلام): (أشرفُ حَسَبٍ حُسنُ أدبٍ)[6].
4. وقال(عليه السلام): (إن الناس إلى صالح الأدب أحوجُ منهم إلى الفضة والذهب)[7].
5. وقال(عليه السلام): (خير ما ورّث الآباءُ الأبناءَ الأدبَ)[8].
6. وقال(عليه السلام): (أحسن الآداب ما كفّك عن المحارم)[9].
ومن خلال ما تقدّم صار واضحاً أن من الواجب على كل ذي عقل وقلب أن يؤدب نفسه بمكارم الأخلاق، فتمام السعادة بالخلق الحسن والآداب الحميدة.
فالنفس الإنسانية تحتاج إلى التأديب والتهذيب، قال تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾[10].
والإسلام وهو خير الأديان لم يترك شيئاً من الآداب إلا وذكره وأبانه، تنظيماً وتجميلاً لحياة الإنسان.
فالقرآن الكريم والسنة الشريفة للنبي وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) أوضحت الكثير من الآداب الإسلامية من قبل ولادة الإنسان وأثناء حياته وبعد موته.
غير أن الملفت للنظر عزوف الناس عن هذه الآداب الجليلة وعدم العناية بتعلمها فضلاً عن تطبيقها في حياتهم العملية، ناهيك عن الدور الأهم من نقلها للأجيال للحفاظ عليها من الاندثار عبر الزمن، فإن المجتمعات تحافظ على تراثها وقيمها عن طريق التبليغ العملي لمفرداته لينتقل بصورة عملية للأجيال.
لذا كان هذا الكتاب استذكاراً لهذه الآداب المهمة في جوانب الحياة المختلفة، وملاحظة الجوانب التي يكثر الابتلاء بها، لتكون أنفع للمؤمنين فيتم تطبيقها في حياتهم اليومية.
شعبة التبليغ
25/ رجب/ 1440هـ
2/ 4/ 2019م
[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج74، ص268.
[2] سورة القلم: آية4.
[3] الكافي، الشيخ الكليني: ج1، ص266 ح2.
[4] غرر الحكم، الآمدي: ص247، ح5073.
[5] المصدر السابق: ص247، ح5075.
[6] المصدر السابق: ص248، ح5107.
[7] المصدر السابق: ص247، ح5080.
[8] المصدر السابق: ص407، ح9347.
[9] المصدر السابق: ص247، ح5079.
[10] سورة الشمس: آية7-10.