حبيب بن مظاهر الأسدي من أصحاب النبي محمد (صلى الله عليه وآله) و خواص الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) شهد حروبه جميعها وكان من أصحاب الحسين وله رتبه علمية سامية، وكان زعيم بني أسد وكان عمره يوم الطف خمسة وسبعون عاما، وله ولد يسمى القاسم (قتل قاتل أبيه لاحقاً) حبيب بن مظاهر كان يتردد على الإمام علي(عليه السلام) بعد كل حرب فيسأله عن موعد الشهادة خصوصا بعد أن رأى أصحابه قد سقطوا شهداء الواحد تلو الآخر في المعارك المتتالية فما كان جواب أمير المؤمنين(عليه السلام) إلا أن يقول له: إنّ الشهادة سوف تنالها يا حبيب.
وعندما وصل الإمام الحسين(عليه السلام) إلى كربلاء بعث برسالة إلى حبيب بن مظاهر الأسدي:
من الحسين بن علي إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر أما بعد يا حبيب فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت أعرف بنا من غيرك وأنت ذو شيمة وغيرة فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول الله يوم القيامة، ثم أرسلها إلى حبيب، وكان جالسا مع زوجته وبين أيديهما طعام يأكلانه إذ غصت زوجته بالطعام فقالت الله أكبر يا حبيب الساعة يرد عليك كتاب كريم من رجل كريم فبينما هي في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب فخرج إليه حبيب وقال: من الطارق قال: أنا رسول وقاصد إليك من الحسين فقال حبيب: الله أكبر صدقت الحرة بما قالت ثم ناوله الكتاب ففتحه وقرأه فسألته زوجته عن الخبر فأخبرها فبكت وقالت بالله عليك يا حبيب لا تقصّر عن نصرة ابن بنت رسول الله فقال: أجل حتى أقتل بين يديه فتصبغ شيبتي من دم نحري.
(اللحوق بالحسين(عليه السلام)) قالوا: إن حبيباً أقبل على جواده وشده شداً وثيقاً وقال لعبده: خذ فرسي وأمض به ولا يعلم بك أحد وانتظرني في المكان الفلاني فأخذه العبد ومضى به وبقي ينتظر قدوم سيده، ثم إنّ حبيباً ودّع زوجته وأولاده وخرج متخفياً كأنه ماض إلى ضيعة له خوفاً من أهل الكوفة فاستبطأه الغلام وأقبل على الفرس وكان قدامه علف يأكل منه فجعل الغلام يخاطبه ويقول له: يا جواد إن لم يأت صاحبك لأعلونّ ظهرك وأمض بك إلى نصرة الحسين فإذا قد أقبل حبيب فسمع خطاب الغلام للفرس فجعل يبكي ودموعه تجري على خديه وقال: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله العبيد يتمنون نصرتك فكيف بالأحرار.
(دوره في معركة الطف) حين وصل حبيب بن مظاهر إلى الحسين(عليه السلام) ورأى قلة أنصاره وكثرة محاربيه قال للحسين: إنّ ههنا حياً من بني أسد فلو أذنت لي لسرت إليهم ودعوتهم إلى نصرتك لعل الله يهديهم ويدفع بهم عنك فأذن له الحسين(عليه السلام) وسار إليهم، وأجابه جماعة منهم، وقاتلوا مع الإمام الحسين(عليه السلام) واستشهدوا، وكان حبيب زعيم الأنصار يوم العاشر من المحرم، وعندما أستشهد حبيب تأثر عليه الإمام الحسين(عليه السلام) كثيرا، فرحم الله حبيبا يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا.
المصدر: مجلة اليقين العدد (12)، الصفحة (7).