في القرن الثالث عشر الميلادي، وفي بلاد ما بين النهرين الخاضعة للإمبراطورية الفارسية حينذاك، نشأ الدين المانوي المشتق من اسم رجلٍ بابليٍ أعلن النبوة يدعى (ماني بن فاتك).
ولد (ماني) عام 216 للميلاد في بابل قرب عاصمة الإمبراطورية الفارسية (قطيسفون) أو المدائن حالياً.
بعد بلوغ ماني الرابعة من عمره أنتقل مع والده (فاتك) إلى قرية في ميسان حيث اعتنق ديانة والده (الصابئية)، ولازمه حتى بلغ الواحدة والعشرين من العمر، وفي تلك المرحلة حصلت لديه نقطة تحول كانت مقدمة لدعوته في ما بعد.
وفي تلك الفترة من حياته كانت للمسيحية التأثير الأكبر على أفكاره ومعتقداته. وتذكر التقاليد المانوية أنه في سن الرابعة والعشرين، نزل عليه الملك (توما) رسولاً من الله ليبشره بنبوته، على أنه هو الذي بشّر به عيسى (عليه السلام)، حينها أعلن ماني أنه (نبي النور) و(المنير العظيم المبعوث من الله)، وعلى أثر ذلك تم طرده من طائفته؛ فانتقل مع أبيه واثنين من أصحابه إلى (المدائن)، وكانت له عدة أسفار؛ منها إلى بلاد فارس والهند وبلوشستان، فدرس خلالها الأديان السائدة في تلك المناطق كالزرادشتية والبوذية والهندوسية، وبعد عامين عاد إلى المدائن حيث أنشأ كنيسته المعروفة بكنيسة بابل، والتي جعل منها المركز والمرجعية العليا لجميع الكنائس المانوية التي انتشرت في جميع أنحاء العالم قبل أن ينقرض هذا الدين أو يختفي عن الأنظار بعد مرور ما يقارب الألف عام على نشأته.
وفي ما بين عامي (274-277) ميلادية صلب ماني وقطعت أطرافه وأحرقت جثته ونثر رماده على يد الإمبراطور الفارسي (برهام الأول)، وكان ذلك لأسباب أهمهّا سياسية، ونظراً لما كانت تحتله الديانة الزرادشتية من مكانة في الإمبراطورية، إذ كانت الديانة الرسمية للبلاط؛ فشكل انتشار هذه الديانة خطراً على الزرادشتية وعلى الإمبراطورية الساسانية المنتمية لها.
المصدر: مجلة اليقين العدد (20)