انطلقت السفينة عبر أحد المحيطات تحمل المئات من البشر يبحثون عن فرص العمل والتجارة ... فجأة ضرب ناقوس الخطر وأدرك الكل أن المياه بدأت تتسرب إلى السفينة، فأنزلوا قوارب النجاة، وحملوا ما استطاعوا من الطعام، وانطلقوا إلى جزيرة قريبة جداً منهم.
اجتمع الكل في الجزيرة التي لم يكن يسكنها أحد، وعرفوا أنهم صاروا في عزلة عن العالم كله، فقد امتلأت السفينة بمياه المحيط وغطست إلى الأعماق.
وقرروا أن يبدؤوا بحرث الأرض وزراعتها ببذر الحبوب التي أنقذوها ... وبالفعل بدؤوا بذلك ...
لم يمض يومان حتى جاء أحدهم يصرخ متهللاً : لا تحزنوا سأقدم لكم نبأً خطيراً ...
نحن في جزيرة مملوءة بمناجم غنية بالذهب ... سنصير أغنياء جداً ...
ففرح الكل وتركوا الزراعة وانشغل الكل باستخراج الذهب وصاروا يملكون الكثير من الذهب ...
نفذ الطعام وحلّ فصل الشتاء ولم يجدوا طعاماً ...
وهنا بدءوا يتفطنون ماذا يفعلون بكل هذا الذهب وهم لا يجدون طعاماً ... صاروا في حيرة ... لكن قد ضاع وقت البذر والحصاد ...
لقد بدأوا يخورون الواحد وراء الآخر، وأخيراً ماتوا من الجوع وانطرحت جثثهم وسط أكوام الذهب التي لم تقدر أن تخلصهم ...
العبرة من هذه القصة:
هذه قصة الكثيرين منّا، حيث يرفضون السير في طريق الله تعالى الذي يُشبع أنفسهم مقدمين أعذاراً واهية أنهم مشغولون بالأمور الزمنية والحياة والمشاكل ... لكي تأتي ساعة يكتشفون أن كل ما جمعوه لا يُشبع نفوسهم ... وأن الفرصة قد ضاعت وفقدوا حياتهم الأبدية ...
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (17)، صفحة (22)