فإذن ما هو الانتظار؟.

إنَّ الذي يُستفاد من الروايات في هذا المجال، أنّ المراد من الإنتظار هو: وجوب التمهيد والتوطئة لظهور الإمام المنتظر(عجل الله فرجه الشريف).

عن المفضل بن عمر قال: سمعت الإمام الصادق(عليه السلام) يقول: (مَنْ مات منتظراً لهذا الأمر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)  بالسيف)[1].  وعن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام) أنّه قال: (أقرب ما يكون العباد من الله وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله عزّ وجلّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة الله جلّ ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صباحاً ومساءً فإن أشد ما يكون غضب الله عزّ وجلّ على أعدائه إذا افتقدوا حجّة الله فلم يظهر لهم، وقد علم الله أنّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم طرفة عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس)[2]

وروى الصدوق عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: (التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل، قال الحسين(عليه السلام):
فقلت له: يا أمير المؤمنين وإن ذلك لكائن؟ فقال (عليه السلام):
أي والذي بعث محمداً (صلى الله عليه وآله) بالنبوة واصطفاه على جميع البرية، ولكن بعد غَيبة وحَيْرة فلا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله جلّ جلاله ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه)[3].

هكذا أراد لنا الأئمّة (عليهم السلام) أنفسهم، وسجّلوه كموقف يجب أن نتخذه، وكحالة نفسية يجب أن نستشعرها ونعيشها باستمرار.

 أستمع معي للإمام علي(عليه السلام) وهو يقول: (...أنتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله إنتظار الفرج..)[4].

وعن أبي الجارود قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): يا أبن رسول الله هل تعرف مودّتي لكم وانقطاعي إليكم وموالاتي إيّاكم؟ قال: فقال(عليه السلام): نعم، قال: فقلت: فإني أسألك مسألة تجيبني فيها فإني مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع زيارتكم كل حين قال(عليه السلام): هات حاجتك، قلت: أخبرني بدينك الذي تدين الله عزّ وجلّ به أنت وأهل بيتك لأدين الله عزّ وجلّ به قال(عليه السلام): ( إنَّ كنت أقصرت الخطبة  فقد أعظمت المسألة والله لأعطينّك ديني ودين آبائي الذي ندين الله عز وجل به، شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محّمداً رسول الله (صلى الله عليه وآله) والاقرار بما جاء به من عند الله والولاية لولينا والبراءة من عدونا والتسليم لأمرنا وانتظار قائمنا والاجتهاد والورع)[5]

 


[1]  كمال الدين للشيخ الصدوق: ص338.

[2]  الغَيبة للنعماني: ص165.

[3]  كمال الدين للشيخ الصدوق:ص304.

[4]  الخصال للشيخ الصدوق:ص616.

[5]  الكافي للكليني:ج2،ص22.