قال الإمام الصادق (عليه السلام) فيه: (كان قنبر غلام علي يحبّ عليّاً (عليه السلام) حبّاً شديداً).
اسمه وكنيته:
أبو همدان، قنبر مولى أمير المؤمنين(عليه السلام).
ولادته: لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه كان من أعلام القرن الأوّل الهجري.
صحبته:
کان(رضي الله عنه) من أصحاب الإمام علي(عليه السلام).
جوانب من حياته:
- ذكره الشيخ المفيد(قدس سره) من السابقين المقرّبين من الإمام علي(عليه السلام)[1].
- دفع إليه الإمام علي(عليه السلام) لواء يوم صفّين في قبال غلام عمرو بن العاص الذي كان قد رفع لواء[2].
- من أقوال الإمام الصادق(عليه السلام) فيه قال(عليه السلام): (كان قنبر غلام علي يحبّ عليّاً(عليه السلام) حبّاً شديداً...)[3].
- يروي الشيخ المفيد أعلى الله مقامه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) رجلاً يشتم قنبراً وقد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين علي(عليه السلام): (مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا ترض الرحمن، وتسخط الشيطان، وتعاقب عدوك . فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه)[4].
تبيين الإمام علي(عليه السلام) له أهمّية الولاية:
قنبر والبطيخ المر: لقد اشتهر عن قنبر أنه كان يتبضع لمولاه أمير المؤمنين(عليه السلام)
من السوق، فمرة بعثه(عليه السلام) ليشتري لضيف له بطيخاً، فتبين ان هذا البطيخ مرّ، ومن خلال هذه الواقعة بيّن لنا أمير المؤمنين(عليه السلام) مسألة تكوينية تتعلق بالخلق الأول للموجودات، وأن لولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) دخلاً كبيراً ، وأثرا بيّنا في تمامية الخلق وكماله،
ومنها النبات والجماد والحيوان، وقد أطلع أمير المؤمنين خادمه قنبر على سر من أسرار الولاية وباب من أبواب العلوم انفتح.
عن قنبر مولى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: كنت عند أمير المؤمنين(عليه السلام) إذ دخل رجل فقال: يا أمير المؤمنين أنا أشتهي بطيخاً، قال: فأمرني أمير المؤمنين(عليه السلام) بشرائه فوجّهت بدرهم فجاؤونا بثلاث بطيخات، فقطعت واحدة فإذا هو مرّ فقلت: مرّ يا أمير المؤمنين، فقال: إرم به من النار وإلى النار، قال: وقطعت الثاني فإذا هي حامض ، فقلت حامض يا أمير المؤمنين، فقال : إرم به من النار وإلى النار، قال: فقطعت الثالثة فإذا هي مدّوّدة ، فقلت: مدّوّدة يا أمير المؤمنين، قال: إرم به من النار وإلى النار، قال:
ثمّ وجّهت بدرهم آخر فجاوؤنا بثلاث بطيخات فوثبت على قدمي فقلت: إعفني يا أمير المؤمنين عن قطعه كأنه تأثم بقطعه فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) إجلس يا قنبر فإنها مأمورة، فجلست فقطعت فإذا هو حلو فقلت: حلو يا أمير المؤمنين، فقال(عليه السلام): كل وأطعمنا، فأكلت ضلعاً وأطعمت ضلعاً وأطعمت الجليس ضلعاً ، فألتفت اليّ أمير المؤمنين(عليه السلام) فقال:
(يا قنبر، إن الله تبارك وتعالى عرض ولايتنا على أهل السموات والارض من الجن والانس والثمر وغير ذلك فما قبل منه ولايتنا طاب وطهر وعذب، وما لم يقبل منه خبث وردي ونتن)[5].
قتله للغلاة بأمر الإمام علي(عليه السلام):
روي أنّ سبعين رجلاً من الزطّ أتوه(عليه السلام) بعد قتال أهل البصرة يدّعونه إلهاً بلسانهم، وسجدوا له، قال لهم: ويلكم، لا تفعلوا إنّما أنا مخلوق مثلكم، فأبوا عليه، فقال: فإن لم ترجعوا عمّا قلتم فيّ وتتوبوا إلى الله لأقتلنّكم.
قال: فأبوا، فَخَدّ لهم أخاديد، وأوقد ناراً، فكان قنبر يحمل الرجل بعد الرجل على منكبه فيقذفه في النار، ثمّ قال(عليه السلام):
إنّي إذا أبصرت أمراً منكراً أوقدت نـاراً ودعوت قنبرا
ثمّ احتفرت حفراً فحـفراً وقنبر يخطم خطماً منكرا[6].
عدالته:
عن عبد الرحمن بن الحجّاج، أنّ الإمام علي(عليه السلام) اعترض على شريح القاضي حينما ردّ شهادة قنبر، وقال(عليه السلام): (..ثم أتيتك بقنبر، فشهد فقلت : هذا مملوك ، وما بأس بشهادة المملوك إذا كان عدلاً ..)[7] ، ففي الرواية دلالة على أنّه ((رضي الله عنه)) كان عدلاً.
سبب شهادته:
ولشدّة حبّه(رضي الله عنه) وإخلاصه ودفاعه عن الإمام علي(عليه السلام) أمر الحجّاج بن يوسف الثقفي بقتله، فقد روي أنّه(رضي الله عنه) سُئل: (مولى مَن أنتَ؟ فقال: أنا مولى مَن ضرب بسيفين، وطعن برمحين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهاجر الهجرتين، ولم يكفر بالله طرفة عين...)[8].
وروي عن الإمام الهادي(عليه السلام): (أنّ قنبراً مولى أمير المؤمنين أُدخل على الحجّاج بن يوسف فقال له: ما الذي كنت تلي من أمر علي بن أبي طالب؟ قال: كنت أوضّيه، فقال له: ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ قال: كان يتلو هذه الآية: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )[9].
فقال الحجّاج: كان يتأوّلها علينا؟ فقال: نعم، فقال: ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ قال: إذاً أسعد وتشقى، فأمر به فقتله)[10].
مجلة بيوت المتقين العدد (31)
[1] الاختصاص للشيخ المفيد: ص6.
[2] تاريخ الطبري: ج4، ص563.
[3] الكافي للشيخ الكليني: ج2، ص59.
[4] الأمالي للشيخ المفيد: ص118.
[5] الاختصاص للشيخ المفيد: ص249.
[6] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج1، ص227.
[7] من لا يحضره الفقيه للصدوق: ج3ص110.
[8] الاختصاص للشيخ المفيد: ص73.
[9] سورة الأنعام: آية44 ـ 45.
[10] تفسير العيّاشي: ج1، ص359.