قال طاووس: بينا أنا بمكة، بعث إليَّ الحجاج فأجلسني إلى جنبه، وأتكأني على وسادة، إذ سمع مُلَبِّياً يلبي حول البيت رافعاً صوته بالتلبية، فقال: عليَّ بالرجل.
فأُتي به، فقال: ممن الرجل؟
قال: من المسلمين.
قال الحجاج: ليس عن الإسلام سألتُ.
قال: فعمَّ سألت؟
قال: سألتك عن البلد.
قال: من أهل اليمن.
قال الحجاج: كيف تركت محمد بن يوسف؟ يريد أخاه.
قال: تركته عظيماً، جسيماً، لبَّاساً، رَكَّاباً، خَرَّاجاً، ولَّاجاً.
قال الحجاج: ليس عن هذا سألتك.
قال: فَعَمَّ سألتَ؟
قال: سألتك عن سيرته.
قال الرجل: تركته ظلوماً، غشوماً، مطيعاً للمخلوق، عاصياً للخالق.
فقال له الحجاج: ما حملك على أن تتكلم بهذا الكلام وأنت تعلم مكانه مني؟
قال الرجل: أتراه بمكانه منك أعز مني بمكاني من الله، وأنا وافدٌ بيته، ومصدّق نبيه، وقاضٍ دينه؟
قال: فسكت الحجاج فما أجاب إليه جواباً[1].